للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصحُّ، لأنه عنادٌ لما يعلم عادةً من امتناع ذلك من غير تعلُّم، كما يُعلم امتناعُ معرفة سائر الصناعات الدقيقة، وإتقانُها من غير تعلُّمٍ (١)، بل يُعلمُ امتناعُ معرفة أسهل من ذلك مثل صنعة الطعام المتقنة من غير تَعَلُّمٍ، مع أن الأنبياء عليهم السلام أنصح الخلق (٢) لخلقه، فكما أنَّ العالم في الكلام المتدين الشفيق على ولده لا يُمكِّنُه على (٣) غِرته وجهله، وهو يرى قرائن أحواله تدُلُّ على الغباوة حتى يمحَضَهُ النُّصح في ذلك، فالرسل عليهم السلام أولى وأحقُّ بذلك، وكذلك أصحابهم وتابعوهم، ولا يمكن أن تمضي الأعوام، وهم مضربون عن هذا المُهِم الأعظم لو كان مُهماً حقاً، وهذا يُفيد العلم الضروريَّ العادي (٤) مع التأملِ والإنصاف، والله أعلم.

وأما قوله تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس: ٣٦]. فالجواب (٥) عند هؤلاء عن ذلك (٦) من وجوه:

الأول: وهو المُعوَّلُ عليه أن اللغويين نقلوا أنَّ الظن في اللغة هو الشكُّ، فثبت (٧) بذلك أنه لفظة مشتركة، فحيث يُذمُّ، يرادُ به الشكُّ المعلوم في فِطَرِ العقول ذمُّ التعويل عليه، وحيث يُمدَحُ يُراد به الراجح المعلوم في فِطَرِ العقول حُسنُ العمل به، وقد أوضح الله تعالى انقسامَهُ،


(١) من قوله: " كما يُعلم " إلى هنا ساقط من (ب).
(٢) في (ب) و (ش): خلق الله.
(٣) في (ش): لا يمكنه تركه على.
(٤) ساقطة من (ش).
(٥) في (ش): فالجواب عنه.
(٦) " عن ذلك " ساقطة من (ش).
(٧) في (ش): فيثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>