للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدلُّ على ذلك بدليلٍ قاطع، وليس علينا أن نستدِلَّ، لأنَّه هو المستدل، ونحن سائلون له عن صحة القواعِدِ التي ينبني عليها دليلُه، والسائل لا يجبُ عليه إيرادُ الدليل.

الإِشكال السادس عشر: أنا لو سلَّمنا أن اللغة تثبُتُ بالقياسِ لم نسَلِّمْ صحةَ هذَا القياسِ، وذلك أنَّ (١) كلامَنَا في قبول مَنْ أخبر بخبر، علينا في مخالفته مَضَرَّةٌ مظنونة، ولنا في قبوله منفعة مظنونة، وذلك فيما يدخل فيه الصِّدْقُ والكَذِبُ، وقِصَّةُ ثقيف هذه ليست خبراً أخبروا به النبي- صلى الله عليه وسلم - مما (٢) يحتمل أنهم صدقوا فيه أو كذبوا، وإنما سألوه أن يُسْقِطَ عنهم الزكاةَ والجهادَ، والسجودَ في الصلاة فلم يُساعِدْهُمْ إلى ذلك، وليس عليه مضرة مظنونة في ترك مساعدتهم، ولا له منفعةٌ مظنونة في مساعدتهم. فأين هذا من خبر المتأوِّل المتدين المظنون صدقُه إذا أخبرك أنَّه سَمِعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن شيءٍ ويُحَرِّمُه، وخَشِيتَ من ارتكاب ذلك المحرَّم غضبَ الله عليك وعقابه لك، وغلب على ظَنِّكَ أنك واقعٌ فيه إِن فعلتَ ذلك المحرم فتركتَه، ما الجامعُ بَيْن الأمرينِ وأين هذا من هذا؟!

الإشكال السابع عشر: أن ثقيفاً سألوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - تغييرَ الشريعة، وتركَ ما أنزل اللهُ عليه، واتباع أهوائهم وجهلهم وجفاوتهم، فروى الزمخشري في " الكشاف " أن ثقيفاً قالت للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: لا ندخُل في أمرِك حتَّى تُعْطِينا خِصالاً نفتخرُ بها على العَربِ: لا نُعْشَرُ وَلَا نُحْشَرُ ولا نجبّي (٣) في صَلاَتِنَا، وكُلُّ رِباً لنا فهو لنا، وكَل رباً علينا، فهو موضوعٌ


(١) في (ب): لأن.
(٢) في (ج) و (ش): عما.
(٣) أصل التجبية: أن يقوم الإنسان قيام الراكع، وقيل: أن يضع يده على ركبتيه وهو قائم، وقيل: هو أن ينكب على وجهه باركاً وهو السجود.

<<  <  ج: ص:  >  >>