للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يقبل المتأولين لمثل هذا الكلامِ، فلا يصدر عن محصل، فإنَّ هذا مجرد تَرَجٍّ (١) صَدَرَ مِن صاحبه بعد نقلِ أهلِ العدالة والأمانة والاطلاع على العلوم والتواريخ، وأقوال الخلَف والسَّلَفِ للإِجماع، وجزمهم على أنَّهم قد علموا انعقادَه وإخبارهم لنا أنهم أخبروا بذلك عن علم يقين، لا عن مجازفةٍ وتبخيتٍ (٢).

وحاصل هذا الاعتراضِ إن صاحبَه قال: لعل راوي الإجماعِ غيرُ صادق فيما رواه، ولا متحقق لما ادَّعاه، ولو كان مثلُ هذا يقدح في روايةِ الثقات، لبطلت الرواياتُ، فما مِن رواية تصدُرُ عن الثقة في الإجماع، أو في الحديث، أو في الشهادة إلا وهو يُمْكِنُ أن يُقَالَ لعل راويَها وَهِمَ فيها، وقالها بغيرِ علم يقين، وأصدرها إما بمجرد اعتقاد الصحة أو ظنها، أو نحو ذلك، مما لا يُلْتَفَتُ إليه من تطريق الشَّكّ إلى وهم الثقات بمجرد كونه يجوز على البشر، ولو كانت روايةُ العدول العلماء تُعارَضُ بمجردِ توخِّي كذبهم، وتمني صدور الدعوى منهم على سبيلِ التبخيت مِن غير تحقيق، لبطلت طرقُ النقل، وتعطلت فوائدُ الرواية.

الوجه الثاني: مما قدح به في صحة الإِجماعِ قال: سلمنا الإجماعَ، فلا نُسَلِّمُ أنَّ علةَ القبول واحدة. هذا كلام ابن الحاجب وقد أعاد السَّيِّد هذا الاعتراضَ، ولم يَزِدْ على ما أورده ابنُ الحاجب إلا أنَّه وسَّعَ دائرةَ العبارة، ونقله إلى الكلام في الخارجين على علي عليه السلام.

والجوابُ عنه: أن هذا الاعتراض ضعيف، لأنَّه لو كان حراماً -وقد


(١) في (ب) فوق كلمة " ترج ": قدح (خ).
(٢) من البخت: وهو الجد والحظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>