للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاختلافُ في قبول المتأولين، والفرق بينَ الداعية وغيره، وبين من بلغ الكفرَ، ومن لم يبلغه، ومع ذلك، فالخلافُ في تصحيح الحديث، كالخلاف في فروع الفقه لا يستحق النكيرَ، وقد ذكر ابنُ حجر في مقدمة شرح البخاري (١) مما خُولِفَ البخاريُّ في تصحيحه أكثرَ مِن مئة حديث بأعيانها غيرَ ما خُولِفَ فيه من القواعد، مثل حديث عكرمة (٢) وقبول عنعنة المدلسين (٣) في بعض المواضع.

فالمحدثون قصدوا تدوينَ السنن على ما اختاروه في مواضع الخلاف والسَّيِّد ظن أنُّهم ادَّعوا الإجماع أو الضرورة في التصحيح، فبنى على غير أساس- وسيأتي زيادة بيان لهذا. وبقية ما ذكره السَّيِّد -أيَّده الله تعالى- يشتمل على مسألتين:

أحدهما: من قاتل علياً -عليه السلام- من البُغاة والخوارج


(١) ص ٣٤٦ - ٣٨٣.
(٢) هو عكرمة البربري أبو عبد الله المدني مولى ابن عباس، أصله من البربر، كان لحصين بن أبي الحر العنبري، فوهبه لابن عباس لما ولي البصرة لعلي، احتج به البخاري وأصحاب السنن، وتركه مسلم فلم يخرج له سوى حديث واحد في الحج مقروناً بسعيد بن جبير، وإنما تركه مسلم لكلام مالك فيه، وقد تعقب جماعة من الأئمة ذلك، وصنفوا في الذب عن عكرمة، منهم أبو جعفر بن جرير الطبري، ومحمد بن نصر المروزي، وأبو عبد الله بن مندة، وأبو حاتم بن حبان، وأبو عمر بن عبد البر وغيرهم. له ترجمة حافلة في " سير أعلام النبلاء " ٥/ ١٢ - ٣٦.
(٣) في " توضيح الأفكار" ١/ ٣٥٥ ما نصه: وفي أسئلة الإمام تقي الدين السبكي للحافظ أبي الحجاج المزي: وسألت عما وقع في " الصحيحين " من حديث المدلس معنعناً، هل نقول: إنهما اطلعا على اتصالها. قال: كذا يقولون، وما فيه إلا تحسين الظن بهما، وإلا ففيهما أحاديث من رواية المدلسين ما يوجد من غير تلك الطريق التي في الصحيح.
قال الحافظ ابن حجر: وليست الأحاديث التي في " الصحيحين " بالعنعنة عن المدلسين كلها في الاحتجاج، فيحمل كلامهم هنا على ما كان منها في الاحتجاج فقط، وإما ما كان في المتابعات فيحتمل التسامح في تخريجها كغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>