للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك إرسالُ الرَّاوي لسماع هذه الكتب المصنفة، بل هو أقوى المراسيل لوجوه:

أحدها: أن الكتابَ معلومٌ بالضرورة على سبيل الإجمال أنه تأليف لصاحبه، فإنَّا نعلم بالضرورة أن محمدَ بن إسماعيل البخاري صنَّف كتاباً في الحديث، وأنه هذا المقروء المسموع المتداول بينَ الناس.

وثانيها: أن أهلَ الكذب والتحريف قد يئسُوا من الكذب في هذه الكتب المسموعة، فكما أنه لا يُمْكِنُ أحداً أن يُدْخِلَ في " اللمع " مسألة في جواز المسح على الخُفين ويقول: إنه مذهب الهادي -عليه السلام- ويخفي ذلك على حُفَّاظ مذهبه -عليه السلام- فكذلك لا يُمْكِنُ أحداً أن يزيدَ في صحيح البخاري حديثَ " القُرآنُ كلامُ الله غيرُ مخلوق " (١)، ولا حديثَ " أبو بكر خليفتي على أمتي " (٢) ونحو ذلك من الموضوعات.

وثالثها: أن النُّسَخ المختلفة كالرواة المختلفين، واتفاقُها يدل على صحة ما فيها عن البخاري قطعاً، أو ظاهراً، فإنك إذا وجدتَ الحديثَ في نسخة منه نُسِخَتْ باليمنِ، ووجدتَه في نسخةٍ نسخت بالمغرب، وفي نسخةٍ نُسِخَتْ بالشام، ونحو ذلك، ووجدتَه في شرحه الذي شرحه عالم في بعض أقطار الإسلام، ووجدتَه في الكتب المستخرجة من الصَّحاح الجامعة لما فيها، والمختصرة منها فتجده في " جامع الأصول " (٣) لأبي


(١) انظر " اللآلىء المصنوعة " ١/ ٤ - ٩ للحافظ السيوطي.
(٢) انظر " الفوائد المجموعة " ص ٣٣٢ للإمام الشوكاني.
(٣) طبع في مصر باعتناء الشيخ محمد حامد الفقي، ثم طبع في دمشق طبعة محررة متقنة مفهرسة، خرج أحاديثه وضبط نصه وعلق عليه صاحبنا الشيخ: عبد القادر الأرنؤوط وأخي السيد إبراهيم، وكنت قد شاركتهما في تحقيق المجلدين الأول والثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>