للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرفتُ صِحَّتهُ، وغَلَبَ عَلَى ظَنِّي قوَّةُ المذهبِ الذي هو نصَّ فيه، ثم أتبعتُه بِذِكْرِ التَّرجيح في المذاهب، وأنَّ مذهبنا جوازه، وذكرتٌ ما فيه منَ الاحتياط للإجماعِ على حُسْنِ فِعْلِهِ، والاختلافِ في حُسْنِ تَرْكهِ، وهذا يدُلُّ على أنَّ مُرادي بالترجيح بالأخبار الترجيحُ مِنَ المميِّزين الذين يُمْكِنُهم ذلك، لأنَّ السَّامِعَ للحديث بعد معْرفَةِ الاختلاف بين العُلماء في الحادِثَةِ، إمَّا أنْ يفيدَه سماعُ الحديث ظنَّاً لقوَّة أحدِ (١) المذاهب أو لا، إنْ لم يحصل لَهُ ظَنٌّ، فليس سماعُه للحديث ترجيحاً بالإجماعِ، ولا عمَلُه (٢) بمقتضاه مِنْ غَيْرِ ظَنٍّ لقوَّته ترجيح، وكلامي إنَّما هو في التَّرجيح بالحديث، لا في العمل عِنْدَ سماعِهِ على جهة الاتِّفاقِ والشَّهْوة.

وأمَّا إنْ حصل له عند سماعه ظنٌّ قويٌّ يفيدُهُ أنَّ بعضُ المذاهب قويٌّ وبعضُها ضعيفٌ، فإنَّ ذلكَ يُوجِبُ التَّرجيح لمَا تقَدَّمَ.

النَّظر الرابع: أنْ نَقُولَ للسيد: أخبرنا عَنْ هذه المسأَلَةِ، هل هِيَ عندك قطعيّة أو ظنِّيَّةٌ؟ وإن كانت ظنِّيَةً، فما معنى التَّرسُّلِ على من قال بها، والتَّشنيع في ذلك؟ وإنْ كانت قطعيَّةً، فأين الأدلَّة ُ القاطِعَةُ، والبراهين السَّاطِعةُ؟ وما بالكَ تُورِدُ الكلامَ مكشوفَ العَوْرَةِ من لِبَاسِ الأدلة ِ، عاطِلَ العُنُقِ مِنْ حِلْيَةِ الحُجَّةِ؟ ثُمَّ إنَّها إنْ كانت عنذك قطعيَّةً، لَزِمَكَ تأثيمُ المؤيَّدِ باللهِ، وتأثيمُ المخالِفين لكَ من سائِرِ عُلماءِ الإسلام.

النظر الخامس: أنَّه وعد بضربِ مَثَلٍ، ولم يأتِ بما يَصْلُحُ أن يُسَمَّى مثلاً مضروباً عِنْدَ البُلغاءِ، والله أعلمُ.


(١) " أحد " ساقطة من (ب).
(٢) في (ش): علمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>