وقد رأينا طالب العلم يتكدر بأدنى مُكدِّر، فكيف يَسْهُلُ الاجتهادُ عليه، ثُمَّ يَعْسُرُ على الناسِ أجمعين.
وكذلك قد بالغ السَّيِّد -أيده الله- في التسميع بمحمد بن إبراهيم، وأنه قد خالف جماهيرَ العِترة، وأن هذا عملُ مَنْ ليس بمعظمٍ لهم. قال -أَيَّده الله تعالى-: لأن المعظِّمَ لهم لا يُخالِف قولَ جماهيرِهم.
فنقول له: ما أنكرت على الإمام الناصِر المِزْمارَ ولا لباسَ المجاهدين للحرير في غيرِ وقت الحرب، وهذان يُخالفان مذاهبَ جماهيرِ العِترة، فلم يُعاتبه السيد -أَيده الله- ويستخرج له أنه غيرُ معظم للعِترة -عليه السلام- كما استخرج ذلك في حق محمد بن إبراهيم.
والإمام الناصر -عليه السلام- محمولٌ على السلامة في جميعِ ذلك، وإنما الكلامُ في اختصاص محمد بن إبراهيم بالإنكار والتعنت، والتعسير والتَّعسف في أمرٍ هَيِّن لم يقع مِن السَّيِّد -أيده الله- العنايةُ بأهمَّ منه، ولا بما هو أخصُّ منه، وليس تُعابُ هذه الأمورُ إلا على مَنْ مِثْل السَّيِّد -أيده الله- لأنه من عيون السادة، وعلماء العِترة، فينبغي منه حِراسةُ نفسه مما لا يَليق بمنصبه الشريف، ومحلِّه المنيف.
وقد نُسِبَ إلى كثير من الأئمة -عليهم السلام- مخالفةُ جماهيرهم فيما انفردُوا به، ولم يُستنبط لهم من ذلك كراهةُ مَن خالفوه، بل قد ذكر السيد في تجريده للكشاف المزيد فيه النكت اللطاف أقوالاً مخالفةً لإجماع العِترة، أو لجماهيرهم، مقرراً لها، غيرَ منكرٍ على قائلها؛ مع أنها متضمنة للقدح، وفي أدلة أهلِ البيت، وذلك أنه قال في تفسير قوله:{قل لا أسئلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلا المَودَّةَ في القُرْبى}[الشورى: ٢٣]: