للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {بَادِيَ الرَّأي} [هود: ٢٧] (١): "أي بمجرد ما دعوتَهم استجابوا لك من غير نظر" (٢)، و (٣) هذا الَّذي ذمُّوهم به هو عين ما يمدحون به فإنَّ الحَقّ الظَّاهِر لا يحتاج إلى رَوِيّةٍ، ولا فكر، ولا نظر، بل يجبُ اتِّباعُه والانقيادُ إليه متى ظهر، ولِهذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مادِحَاً الصِّدِّيق (٤): " ما دعَوْتُ أَحَداً إلى الإسْلامِ إلاَّ كَانَتْ لَهُ كَبْوَة غيرَ أبي بكرٍ، فإنّه لَمْ يَتَلَعْثَمْ " (٥).

وإنَّما يُنكرون مِنْ عِلْمِ النَّظَرِ أمرين:

أحدهما: القولُ بأنَّ النَّظر فيما أمر اللهُ تعالى بالنظر فيه، وجرت به عادةُ السَّلف غَيْرُ مفيدٍ للعلم، إلاَّ أنَّ يُرَدَّ إلى ما ابتدع من طريق المتكلمين، بل هو عندهم كافٍ شافٍ (٦)، وإن خالف طرائقَ المتكلمين (٧).

وثانيهما: أنَّهم يُنكرون القولَ بتعيُّنِ طرائقِ المنطقيِّين والمتكلِّمين للمعرفة، وتجهيلِ مَنْ لم يَعْرِفَها، وتكفيرِه، فَهُمْ في إنكار عِلْمِ الكلام،


(١) ٢/ ٤٤٢.
(٢) في (ش): تطرق.
(٣) الواو ساقطة من (ش).
(٤) في (ش): للصديق.
(٥) وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " لوحة ٧٠٦، ونسبة للديلمي من حديث ابن مسعود. ولا يصح، فإن ما تفرد به الديلمي يكون في حيز الضعيف. وأخرجه من حديث ابن عباس، أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ٢/ ٣٢٥ بلفظ: " ما كلمت في الإسلام أحداً إلا أبى عليَّ، وراجعني الكلام إلا ابن أبي قحافة، فإنِّي لم أكلِّمه في شيء إلا قَبِلَه، واستقام عليه ".
وفي سنده سعد بن طريف الإسكاف وهو متروك، وقال ابن حبان: يضع الحديث.
(٦) في (ش): شافٍ كافٍ.
(٧) من "بل هو" إلى هنا ساقط من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>