للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع التعمد (١) إلى العدوان وغيره إلى القصاص والحدود، وما تقدم، ولم يُقَيَّدْ بذلك في تلك الآية، لأن قتل الكافر للمؤمن مع التعمد لا يخلو عن العدوان، ولا ينفَكُّ عنه، ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً والله أعلم.

فإن قيل: إنما أوَّلُ الآيات في قتل المؤمن للمؤمن خطأ، وآخرها في قتله (٢) عمداً، فهو قسيمه، لا ما ذكرتم.

قلنا: هذا مبنيٌّ على أن الاستثناء متصلٌ في قوله: {إِلَّا خَطَأً} وهو ممنوعٌ لأن قتل الخطأ غير موصوف بالإباحة والحل، فلذلك شُرعت له الكفارة، وسماه الله تعالى توبةً منه على المخطىء (٣)، ومتى لم يبق في الخطأ شيء من التقصير البتة، لم يوصف بحظرٍ ولا إباحةٍ، لأنهما من صفات الأفعال الاختيارية، وحينئذٍ تكون الكفارة تعبُّداً محضاً، لكن الله تعالى أعلم وأحكم، والظاهر أنه علم أن المخطىء لا يخلو من تقصيرٍ، حيث شرع الكفارة وسمَّاها توبةً منه، سبحانه على عباده فلله الحمد كثيراً، وبكلِّ حالٍ فلا برهان ينتهض للقطع بامتناع تخصيص المسلم من وعيد الخلود في هذه الآية، كما لم يمتنع تخصيص غيره ممَّن قدمنا، والوقف في أحكام الآخرة أولى بالمتحرِّي في عذاب القاتل وخلوده، لتعارض الأدلة القرآنية، وما ورد من التشديد في الأحاديث النبوية وحديث: " كل ذنب عسى الله أن يغفره، إلاَّ الشرك بالله وقتل المؤمن " وقد تقدَّم (٤)، وعدم النص عليه في أحاديث الشفاعة، وعدم الحاجة إلى تعجيل المفصل (٥) فيه قبل يوم الفصل والله أعلم.

خاتمة: وهي من وصايا حُذَّاق العلماء المجرِّبين لجدال المبطلين، وذلك أنهم كثيراً ما يمنعون من (٦) أدلة المحقين، ويشوِّشُون فيها وإن تجلت، فيعسر


(١) في (ش): " العمد ".
(٢) " في قتله " ساقطة من (ش).
(٣) من قوله: " لأن " إلى هنا ساقطة من (ش).
(٤) ص ٣٠.
(٥) ساقطة من (ش).
(٦) ليست في (د) و (ف).

<<  <  ج: ص:  >  >>