للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يمنعُ من القطع، وقد مرَّ تقريرُه في الآيات السابقة.

الإشكال الثالث عشر: أن هذا العمومَ مخصوص بجواز الأخذ بخبر الفاسق المصرح في مواضع كثيرة، وقد قدمنا شيئاً منها، وفي العمل بالعموم المخصوص ما تقدم.

الإشكال الرابع عشر: أن الحديثَ ورد بلفظ الأمر، وفي كون الأمر للوجوب منازعة، والسيد مُدَّعٍ أن المسألة قطعية، فيجب بيانُ أن الأمر للوجوب بدليل قاطع.

الإشكال الخامس عشر: أنَّه لا حجة في هذا الحديث لك، بل هي عليك، وذلك أَن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضَ الأمرَ في النظر إلينا فقال (١): فانظُروا عمن تأخذون دينَكم. وقد نظرنا كما أمرنا، هل الواجبُ الأخذُ بخبر من يُفيد خبرُه العلمَ أو الظنِّ، فوجد المعتبَر الظن؟ إذ لا طريق إلى العلم، فنظرنا في أخبار المتأوِّلين هل يُفيد الظن المعتبر أم لا؟ فوجدناها تفيده كما تفيده أخبارُ الثقات، فأخذنا به احتياطاً لديننا إذ كانت مخالفته تُؤَدِّي إلى ارتكاب المحرم المظنون تحريمه وتضييع الواجب المظنون وجوبُه مع ما دَلَّ على ذلك من سائر الأدله الآتية في الفصل الثاني إن شاء الله تعالى.

قال: ومنه قولُه - صلى الله عليه وسلم - " يحملُ هذا العِلْمَ مِنْ كُلِّ سَلَفٍ عُدُولُهُ، ينْفُون عَنْهُ تَحرِيفَ المُبْطلينَ، وانتحالَ الغَالِينَ " (٢).

أقول: احتجاجُ السَّيِّد بهذا الحديث كاحتجاجه بالحديث الأول في


(١) تقدم أنَّه لا يصح في المرفوع وإنما هو من قول ابن سيرين.
(٢) تقدم تخريج هذا الحديث في الصفحة ٣٠٨ - ٣٠٩ من الجزء الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>