للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: أنا لو قدرنا أن ذلك صحَّ عنه بطريقٍ معلومة لم يَقْدَح به، لأنه ليس بلحنٍ، بل هو لغةٌ صحيحة حكاها الفَرّاء عن بعض العرب، وأنشد:

إنَّ أبَاهَا وأبا أبَاهَا ... قَدْ بلغا في المَجْدِ غَايَتَاهَا (١)

الرابع: سَلَّمنا أن هذا لحنٌ لا وجه له، فإن كثيراً ممن يعرِف العربية قد يتعمد اللحن، وقد يتكلم العربي بالعجمية، ولا يقدح هذا في عربيته، وهذا مشهور.

وأما قدحُه عليه بالرواية عن المُضَعَّفِينَ، وقوله: إن ذلك ليس إلاَّ لقلة معرفته بالحديث، فهو وهمٌ فاحِشٌ، ولا يتكلم بهذا منصفٌ، والجوابُ عن ذلك يتبيَّن بذكرِ محامل:

المحمل الأول: أنَّه قد عُلِمَ من مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه أنه يقبل المجهولَ (٢)، وإلى ذلك ذهب كثيرٌ من العلماء كما قدمناه، ولا شكُّ


(١) نسبه العيني في " الشواهد الكبرى " ١/ ١٣٣، والسيوطي في " شرح شواهد المغني " ١/ ١٢٨ إلى أبي النجم نقلاً عن الجوهري، وليس يوجد في " صحاحه " ويقال: هو لرؤبة بن العجاج، وليس في ديوانه، وهو غيرُ منسوب في " شرح المفصل " ١/ ٥٣، و" المغني " ١/ ٣٨، و" خزانة الأدب " ٣/ ٣٣٧، و" أوضح المسالك " ١/ ٣٣، وابن عقيل ١/ ٥١. وإجراء الأسماء الستة مجرى الاسم المقصور في تقدير الحركات الثلاث هو لغة بني الحارث، وفي " صحيح البخاري " (٣٩٦٣) من حديث أنس، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: من ينظر ما فعل أبو جهل؟ فانطلق ابن مسعود، فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد، فأخذ بلحيته، فقال: أنت أبا جهل؟ قال الحافظ في " الفتح " ٧/ ٢٩٥: كذا للأكثر، وللمستملي وحده " أنت أبو جهل " والأول هو المعتمد في حديث أنس هذا، فقد صرح إسماعيل بن علية، عن سليمان التيمي بأنه هكذا نطق بها أنس .... وقد وجهت الرواية المذكورة بالحمل على لغة من يثبت الألف في الأسماء الستة في كل حالة.
(٢) أي مجهول الحال من العدالة والفسق، قال العارفون بأصول فقه أبي حنيفة: هذا القول في غير رواية الظاهر، وإن ظاهر المذهب عدم قبول روايته كمذهب الجمهور.
انظر " فواتح الرحموت " ٢/ ١٤٦ - ١٤٧، و" سلم الوصول " ٣/ ١٣٨ - ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>