للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معناها وشروحها، فقد أورد كل حافظٍ منهم ما في ذلك، وزاده بياناً كلُّ شارحٍ ولله الحمد.

وقد يوجد ما يخالف هذا في كلام علماء الكلام من الأشعرية في معارضة المعتزلة في إيجاب الخلود على سبيل القطع لكل مرتكب كبيرةٍ لم يَتُبْ منها، وإن ندرت وإن عظُمَت معها حسناته، وطالت في مكاسب الخيرات حياته، وتقع بينهم اللجاجات (١)، حتى يتوهم (٢) بعض متكلمي الأشعرية أنها تستلزم أن يُسمّى الفاجر مؤمناً على الإطلاق، وليس ذلك بصحيحٍ على مقتضى الجمع بين الأحاديث وعدم الطرح لشيءٍ منها، وإنما يُسمى إذا لم يدلَّ دليلٌ سمعي (٣) على بقائه مؤمناً أقل الإيمان، فهذان قيدان يقيِّدان إطلاق إيمانه على ما يأتي في موضعه إن شاء الله تعالى.

وأما الفريق الثاني -وهم الشيعة والمعتزلة وكثيرٌ من السلف-، فقد يَرَوْنَ أن السمع ورد بأن في الذنوب ما يدلُّ على النفاق، وسوء الاعتقاد، أو على خُلوِّ القلب من اعتقاد الإسلام والكفر وغلبة الغفلة عليه كما هي غالبةٌ على البهائم لامتلائه باشتغالٍ بالفسوق والشهوات العادية (٤)، فقد تدل بعض الظواهر على بعض البواطن دلالة الدخان على النار، واللازم على الملزوم، ولهم على ذلك دلائل كثيرةٌ نذكر ما حضر منها:

الأول: قوله تعالى: {ولتعرفَنَّهُم في لحن القول} [محمد: ٣٠] فهذه طريقٌ إلى معرفة المنافقين غير الوحي بما يجري على ألسنتهم مما ليس في مرتبة التصريح، لأن لحن القول في اللغة هو (٥) مفهومه ومعناه كما ذكره أهلُ


(١) في (د) و (ش) " الواجبات "، وكتب فوق " الواجبات " في (ش) " اللجاجات " وفي (ف): " إلزامات ".
(٢) في (د) و (ف) يتوهم والمثبت من (ش).
(٣) في (ف): " شرعي ".
(٤) في (ش): " المعادية ".
(٥) "هو" ساقطة من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>