يتعلَّق به حكمٌ، مثل قولهِ تعالى:{كهيعص} أو المجملات التي لم يعرف المجتهد أنها من الألفاظ المشتركة فيسقطُ تكليفُه بالعمل بها، وما يرد في ذلك من التفسير النبويِّ فإنَّما هو زيادةٌ في البيان، ولو لم يَرِدْ، لم يبْطُلْ فَهْمُ معاني الظَّواهِر والنصوص، فإن البيان غيرُ محتاج إليه إلا في المجمل. ومتى طلبه المجتهد ولم يجده، سَقَطَ تكليفُه في ذلك الحكم بالرجوع إلى ذلك المجمل. والدليل على ذلك ما تقدَّم في حديثِ معاذٍ وغيرِه من الأدلة القاضية بأنه لا يجبُ على المجتهد العِلمُ بِكُلِّ حديث، وأنَّه إذا لم يجد الحُكْمَ في الكتاب والسُّنَّة، جاز له أن يجتهِدَ رأيه، وإن كان يجوز أن فيهما نصاً لم يقف عليه. والعجبُ من السَّيِّد -أيَّده الله- أنّه جعل هذا الوجه الثالث أضعفَ مما قبله مع أنه لا طريقَ إلى تفسير القرآن على العموم سواه. فأمَّا الأولان قبلَه، فلا قائلَ باشتراطهما في التفسير، فكيف يكونُ ما لا قائل بخلافه أضعفَ مما لا قائل باشتراطه، وهذا عجب وقد تعرض السَّيِّد لإبطال هذه الطريق بوجوه أربعة:
الوجه الأوَّل: أن عدالة كثير منهم غيرُ ثابتة. وأقول: إنَّ صدور هدا الكلامِ من مثل السَّيِّد من العجائب ومَن عاش أراه الدَّهْرُ عجباً، لأن فساد كثير منهم لا يَمْنَعُ من الرجوع إلى الثقات منهم، كما لا يلزمُ مِن فساد كثيرٍ من الناس فسادُ جميعِ الناس، ومن تحريمِ كثيرٍ من النساء، تحريمُ نكاحِ جميع النساء، ومن نجاسَة كثيرٍ من المياه تحريمُ جميع المياه، ونحو ذلك مما لا يُحصى كثرةُ.
ومن العجب أن السَّيِّد -أيَّده الله- يُقرىء في المنطق، ويَعْرفُ ما يُشترط في الإتتاج من كونِ المقدمتين كليتين، فأين ثمرةُ تلك المعارف، وأين أثَرُ ذلك التحقيق.