للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنهُ قال في كتاب الله تعالى: " من التمسَ الهُدَى من غيره، ضَلَّ " (١).

فأمَّا كتابُ اللهِ تعالى، فإن نظرتَ في إعجازه، في بلاغته وأسلوبه، أو فيما اشتمل عليه من أخبار غيوبه، عرفت بالضرورة (٢) العادية (٣) عَجْز جميعِ المخلوقين -من الجن والإنس أجمعين- عن الإتيان بمثله، أو سورةٍ من مثلِهِ. وما أوضحَ قولَه تعالى في ذلك: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: ٢٣].

وإن نظرتَ فيما اشتمل عليه، من المنع عن المفاسد، والأمر بالمصالح، والأخبار الصادقة، والأحكام العادلة، علمتَ بالبرهان -إن كنتَ مِن عارفيه-، وبالقرآن -إن كنت مِن متدبِّريه- صِدْقَ قولِ من أنزله سبحانه: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (٢١٠) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (٢١١) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} [الشعراء: ٢١٠ - ٢١٢].


= يعني أن الحديث ثبتت صحته بالتجربة، فإن التجربة لا تثبت بها صحة الحديث، فكم من كلام صحيح ومطابق للواقع ولا تصح نسبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فباب الرواية يعتمد على اتصال السند، وثقة الرواة، وانتفاء الشذوذ والعلة، وهذا الحديث لم يستوف الشروط الآنفة الذكر، فإن راويه عن علي رضي الله عنه ضعيف لا يحتج به كما ستعرف من التعليق الآتي.
(١) رواه الترمذي (٢٩٠٨) والدارمي ٢/ ٤٣٥ والبغوي ٤/ ٤٣٩ وفي سنده الحارث بن عبد الله الأعور، والجمهور على توهينه، قال الحافظ ابن كثير في " فضائل القرآن " ١٥: وقصارى هذا الحديث أن يكون من كلام أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وقد وهم بعضهم في رفعه، وهو كلام حسن صحيح.
(٢) في (ب): بالضرورية.
(٣) الجادة أن يقال: المعتادة، لأن العادي في اللغة هو: القديم، قال ابن الأثير: وفي حديث قس: " وإذا شجرة عادية " أي: قديمة، كأنها نسبت إلى عاد، وهم قوم هود النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكل قديم ينسبونه إلى عاد، وإن لم يدركهم، ومنه كتاب علي إلى معاوية: لم يمنعنا قديم عزنا وعادي طولنا أن خلطناكم بأنفسنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>