وتفسيره المسمى بـ " مفاتيح الغيب " يقع في ثماني مجلدات، وهو مطبوع متداول، حظي بشهرة واسعة بين أهل العلم لما تضمنه من أبحاث واسعة مستفيضة في نواح شتى من العلم إلا أنه يعاب بإيراد الشبهة الشديدة، ويقصر عن حلها. وشيء هام لا بد من ذكره هنا هو أن الفخر رحمه الله يميل في تفسيره في مسألة الصفات إلى طريقة المتكلمين المؤولة النفاة، المناقضة لما كان عليه سلف الأمة المشهود لهم بالخيرية والمعرفة إلا أنه رحمه الله قد رجع عن ذلك في آخر عمره وتمنى أنه لم يشتغل بعلم الكلام، فقد جاء في طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ٢/ ٨٢ ما نصه: وروي عنه أنه قال: لقد اختبرت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فلم أجدها تروي غليلاً ولا تشفي عليلاً، ورأيت أصح الطرق طريقة القرآن، اقرأ في التنزيه {والله الغنيُّ وأنتم الفقراء} وقوله تعالى {ليس كمثله شيء} و {قل هو الله أحد} واقرأ في الإثبات {الرحمن على العرش استوى} {يخافون ربَّهم من فوقهم} و {إليه يصعد الكلم الطيب} واقرأ أن الكل من الله قوله {قل كل من عند الله} ثم قال: وأقول من صميم القلب من داخل الروح: إني مقر بأن كل ما هو الأكمل والأفضل الأعظم الأجل، فهو لك، وكل ما هو عيب ونقص فأنت منزه عنه. ومع أن الرازي بلغ في تفسيره إلى سورة الأنبياء ولم يكمله، وإنما أكمله من بعده أحمد بن محمد القمولي المتوفى سنة ٧٢٧ هـ، كما في طبقات السبكي ٩/ ٣٠، فلا يكاد القارىء يلحظ فيه تفاوتاً في المنهج والمسلك بل يجري الكتاب من أوله إلى آخره على نمط واحد بحيث يتعذر على القارىء التمييز بين الأصل والتكملة. انظر ترجمة الرازي في " طبقات الشافعية " للسبكي ٨/ ٨١ - ٩٦، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ٢/ ٨١ - ٨٤.