بعدَ الاستقصاء في الطلب وهؤلاءِ الأكابرُ قد ادَّعَوا الإجماعَ، وَهمْ مِن أهل الورع الشحيح، والاطلاع العظيم، فلم يكونوا لِيُجَازِفُوا بدعوى الإِجماع، وأقلُّ أحوالهم أن يكون ما ادَّعَوْا فيه إلإِجماع هو القولَ الظاهر المستفيضَ بَيْنَ عيون الأئمة وكبارِ علماء الأمة، والسيد قد قطع بتخطئتهم في هذه المسألة، ولم يَرْض بذلك حتى أخرج هذه المسألة من جملة الظنيات التي يُمْكِنُ رفع الإثم عن المخطىء فيها، فيلزم السيدَ تأثيم عيون الأئمة، وجماهيرِ علماء الأمة على كُلِّ حال، سواء صدق هؤلاء المُدَّعون للإجماع أو لم يصدقوا، والفرق بينَ هذا وبينَ السابع والسادس، أن السابع في مَنْ خالف في القاعدة كلها وهي إثبات القطعيات بالأدلة الظنية، وهي أعَمُّ مِن هذه، فإنَّ هذه مسألةٌ واحدة من جملة تدخل تحت تلك القاعدة من المسائل التي لا تنحصرُ، وأما السادسُ، فلأنه فيما يلزمه بإقراره من تأثيم المؤيَّدِ وفي هذا ما يلزمه بالدليل لا بالإقرار.
الإِشكال التاسع: أنَّه قد ثبت الخلافُ في هذه المسألةِ بإقرار السيد عن الفقهاء والمؤيَّدِ بالله، وقاضي القضاة، وأبي الحسين، فجميعُ هؤلاء الذين قَبِلُوا روايةَ فُسَّاق التأويل مثل الفقهاء والمؤيَّد بالله عند السيد قد بَنَوْا مذاهبَهم في الفروع الفقهية على قبولِ رواية المتأولين، لكن السيد قال: هي باطلة قطعاً، فيلزمُ السيدَ أن تكونَ مذاهبُهُم في الفروع الفقهية باطلة قطعاً، لأن الأصلَ إذا بطل بالقطع، بطل فرعُهُ بالقطع بالأولى، لأن الفرعَ أضعفُ مِن الأصل، وكُلُّ مجتهدٍ بنى اجتهادَه على أصلٍ باطل بالقطع من خلاف إجماع وغيرِه، فإنَّه لا يعتد بخلافه، فيلزم السيدَ بإقراره إبطالُ مذاهب المؤيَّد والفقهاء.
الإشكال العاشر: قد أجمعت الأمةُ على الاعتداد بمذاهب القابلين