للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحته في إسناده، وعدم معرفة معناه لغةً، وعدم العلم بفقد المعارض والناسخ والمخصَّص، وشدّد في ذلك، وشرع في آخر كتابه يحتجُّ بالأحاديث، فإما أن يكون ظن أن بين أول كتابه وآخره فرقاً واضحاً، أو ظن أنه صالحٌ لذلك، وليس غيره صالحاً، أو حَسِبَ أن خصمه لا يجمع بين أطراف كلامه، ولا يدري بمناقضاته وأوهامه، أو (١) السيد لا يدري ما يخرج من رأسه، ولا يفرِّق بين أقواله وأنفاسه.

ومَنْ جَهِلَتْ نفسُهُ قَدْرَه ... رأى غيرُه منه ما لا يَرَى (٢)

الوهم الرابع والعشرون: قال: وأيضاً قوله: " فإذا قالوها، عصموا مني دماءهم ". يقتضي (٣) أنها لا تكون معصومةً حتى يقولوها.

أقول: قد توهَّم (٤) أن مذهبهما أن من آمن بقلبه، فقد عصم دمه وماله، ولم يقولا بما يقتضي ذلك بمنطوقٍ، ولا مفهومٍ، ولا قال بذلك أحدٌ، وإنما قال: إن هذه الأفعال الخمسة من أفعال الجوارح، والإيمان من أفعال القلوب، لقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَان} [النحل: ١٠٦] وقوله: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠]، وقوله عليه السلام في الحديث الصحيح وقد سئل عن الإسلام، فذكر الشهادتين وسائر الأركان الخمسة، وسئل عن الإيمان فقال: " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ".

خرجه مسلم من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه (٥) - ونظير ذلك من


(١) في (ب): و.
(٢) البيت من قصيدة للمتنبي يصف فيها خروجه من مصر، ويهجو كافوراً الإخشيدي. انظر " الديوان " ١/ ٤٤.
(٣) ساقطة من (ب).
(٤) في (ش): توهم السيد.
(٥) برقم (٨). وأخرجه أبو داود (٤٦٩٥)، واين ماجه (٦٣)، والنسائي ٨/ ٩٧ و١٠١، والطيالسي ص ٥، وأبو يعلى (٢٤٢)، وأحمد ١/ ٢٨ و٥١ و٥٢، وابن حبان (١٦٨)، والترمذي (٢٦١٠)، والبغوي (٢)، والآجري في " الشريعة " ص ١٨٨ - ١٨٩، وابن منده =

<<  <  ج: ص:  >  >>