للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا أن تسليم الثاني لا يضرُّ، فلأنَّ الأمان الأكثريَّ حاصل بالرجوع إلى الكتاب.

الحجة الثانية: أنَّ الرجوعَ إلى الكتاب أقوى من الحفظ، فوجب أن يكون معتبراً كافياً، وإنَّما قلنا: إنَّه اقوى من الحفظ لوجهين:

أحدهما: أنَّه يجوزُ أن يكون الكتابُ أصل الحفظ، فإن الحافظ يجوزُ له أن يحفظَ مِن الكتاب وهذا هو الأكثرُ، وقَل مَنْ يَحْفظ القرآنَ والسُّنَّة وغيرهما من العلوم مِن أفواه الرجال، على أنَّ الحفظ من أفواه الرجال، ليس يُفيدُ العِلْمَ، فكان الحفظُ مِن الكتاب مساوياً للحفظ من أفواه الرِّجال في إفادة الظن: فإذا ثبت أنَّ الكِتَابَ أصلُ الحفظ في كثير من الأحوال، وأنه يجوز أن يكون أصلُه في جميع الأحوال، ثبت أنّه أقوى منه، لأن الأصل أقوى مِن الفرع، ولأن غاية الحافِظ أن يحفظ كما قرأ في الكتاب.

وثانيهما: أنّا رأينا الحُفّاظ يرْجِعُونَ فيما يحفظونه إلى الكتب عند الاشتباه.

الحجة الثالثة: أنَّه قد ثبت أنّ أميرَ المؤمنين عليًّا -عليه السلام- أعلمُ هذه الأمة بعدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١) وثبت أنَّه كان معه صحيفة معلّقة في


(١) لعل مستند المؤلف في ذلك ما رواه الإمام أحمد في مسنده ٥/ ١٢٦، والطبراني في " معجمه الكبير " ٢٠/ ٢٢٩ من طريقين عن خالد بن طهمان، عن نافع بن أبي نافع، عن معقل بن يسار ... وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة: " أو ما ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلماً " وخالد بن طهمان صدوق إلا أنه اختلط وباقي رجاله ثقات. وانظر " مجمع الزوائد " ٩/ ١٠١.
وكان كبار الصحابة رضوان الله عليهم يستشيرونه رضي الله عنه في القضايا الكبرى، =

<<  <  ج: ص:  >  >>