للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن اللَّبون إذا ما لُزَّ في قَرَنٍ ... لَمْ يَسْتَطِعْ صولَةَ البُزلِ القناعيسِ (١)

الوهم السابع والثلاثون: استدل المعترض على بُطلان حديث المجبِّرة والمُرجئة بالقياس على الخَطابية، وجعل العلة الجامعة بينهم في ذلك هو الكذب، فتوهم أن العلماء إنما قدحوا في الخطابية لمجرد الكذب، وهذه غفلة عظيمة، فإن العلماء إنما اتفقوا على القدح فيهم مع اختلافهم في غيرهم بعلة استحلالهم لتعمُّدِ الكذب، بل اعتقادهم لوجُوبه حيث يكون نُصرة لما يظنُّونه حقاً، فكيف يُقاس من يعتقد تحريم الكذب الذي (٢) اعتقدوا حُسْنَه ووجوبه، ويغلب على الظن أنه يفعله.

ولو كان مجرد الكذب مع التأويل يستلزمُ مساواة الخطابية، لزم المعترض أن يكون المعتزلة عنده بمنزلة الخطابية، لأنهم عنده كذلك في باب الإمامة، لمقالتهم بخلافة الصحابة، وهم عنده في ذلك من الكاذبين الآثمين، وليسوا بتأويلهم فيه مِنَ المعذورين.

ثمَّ إنه (٣) شفع ذلك بما لا يغني شيئاً في هذا المقام من ذكره أحاديثَ ساقطةٍ لا أصل لها في لعن المُرجئةِ والقدرية، ولو صحت الرواية عنهم، فإنه إذا لم يقدحِ الفسق في ذلك أو الكفر الثابت بالأدلة القاطعة، فكيف ما هو فرعٌ من جواز السَّبِّ لهم، ووردت الأحاديث بذمِّهم، فقد وردت الأحاديث الصِّحاح، وتواترت بذمِّ الخوارج الذين كفّروا علي بن أبي طالبٍ عليه السلام، ومع ذلك قالت أئمة الزيدية بقبولهم في الحديث، ممن نصَّ على ذلك: الإمام المنصور في كتابه " صفوة الاختيار " والمؤيد بالله، والإمام يحيى بن حمزة، وصاحب


(١) البيت لجرير من قصيدة يهجو بها عدي بن الرقاع. انظر ديوانه ص ٣٢٣، والأغاني ٦/ ٣٠٧ - ٣٠٩، و" شرح شواهد المغني " ١/ ٣١٦ - ٣١٧.
(٢) في (ش): " على الذي ".
(٣) " إنه " ساقطة من (ف).

<<  <  ج: ص:  >  >>