يخاف العارَ من نسبة الفسق إليه، ومن رد الشهادة، فإذا شهد في حال فِسْقِه فَرُدَّت شهادته، ثم إِنَّه تاب، وأعاد الشهادةَ بعد التوبة، لم يقبل عند بعضِ العلماء، لأن له غرضاً طبيعيّاً في نفي تكذيبه الواقع قبلَ التوبة، وإن كان مشتهراً بالفسق فأعاد الشهادةَ بعدَ التوبة، فقد اختلف الرَّادُّون لشهادة المستخفِي في هذا، لضعف غرضه، وكذلك لو شَهدَ على عدوه، فرد، فزالت العداوة، فأعاد الشهادة، ففيه خلاف لمثل ذلك.
المسألة الثامنة عشرة: التائبُ من الفسق الصريح لا تُقْبَلُ شهادتُه عند توبته حتى تمضي مدة يُظن فيها صدقُ توبتِه، وتظن عدالتُه كما تظن عدالةُ غيره، وقد قدَّرها بعضُهم بسنة، وبعضُهم بستة أشهر، والقوي أن أحوال التائبين تختلِفُ، وقد يظهر على التائب من التلهُّفِ والتأسُّف والبُكاء والجزع ما يقضي بصدقه، فدل هذا على أن العلة قوهُ الظن، ولو كانت العلةُ المنصب لاستحقَّها التائبُ عند ظهور التوبة، كما يستحق التكرمةَ والتعظيمَ، وسائر حقوق المؤمنين بالإجماع.
المسألة التاسعة عشرة: أن الفاسقَ المتأوِّل إذا تاب مِن فسقه لم يختبر، وقبلت شهادته على الفور عند من لا (١) يقبلُها فلو كانت العلة المنصبَ لم يكن بين المتأوِّل والمصرِّح فرقٌ في ذلك.
المسألة الموفية عشرين: اختلف العلماءُ في الفاسق المصرِّح إذا كان معروفاً بالصدق، مشهوراً له، عظيمَ الأنَفَةِ من الكذب والوقوع فيه بحيث إنه يخافُه ويمنعُه من شهواته كما يخاف المؤمن العذابَ ويمنعه مِن شهواته، واستمر هذا، وظهر بالقرائن القوية وطول التَّجْرِبَةِ، فروي عن