وقلةِ تواليفهم الحافلة عندي فبالوقوف على ما أذكره مع ذلك يعلم تواتر ذلك.
وقد مر منها إلى الآن واحد وثلاثون حديثاً عن تسعة عشر صحابياً، وستأتي زيادة كثيرة على هذا مُفَرَّقةٌ في غضون الكلام، وأختم الكلام بالتنبيه على ما لم يتقدم، وعلى عِدَّةِ ما تقدم، ثم بالتخويف من الله تعالى، وبيان أن الرجاء هو حسن ظنٍ، وأن من جعل القطع موضع الظن خرج إلى التألِّي على الله تعالى، وكان اعتقاده من جنس قول اليهود {سَيُغْفَرُ لنا}[الأعراف: ١٦٩]، وقد نَقَمَ اللهُ تعالى ذلك عليهم، ومن أين الأمانُ واللهُ تعالى يقول:{إنَّ عذاب ربِّهِمْ غير مأمونٍ}[المعارج: ٢٨]، وهو في الصالحة المُثْنَى عليهم في كتاب الله، وفي آية:{إنَّ عذاب ربك كان محذوراً}[الإسراء: ٥٧]، وقد أجمعت الأمةُ المرجئة والوعيدية أن الخواتم مجهولة، وإن قدرنا صلاح الحال مع بُعد ذلك، والله المستعان.
ولكني رأيتُ قبل ذلك أن أُورد شُبَه المخالفين وجوابها على الإنصاف بحسب علمي واجتهادي.
فأقول: إن قيل لا شكَّ في ورود القرآن والسنة بذلك ولكنه معارضٌ بثلاثة أمور:
أحدها: عمومات الوعيد.
وثانيها: الوعيد الخاص ببعض الكبائر كآية القتل وأحاديثه.
وثالثها: البيان الخاص في قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا}[النساء: ٣١]، فإن الخصوم يزعمون أن هذه أبينُ آيةٍ وأخصُّها، ورجَّحوا تأويل الوعد بترجيح الخوف، أو مصلحة الزجر خوف المفسدة في الرجاء.
والجواب من وجهين: جملي وتفصيلي:
أما الجُملي: فهو أنه وقع تعارضٌ في الوعد والوعيد في بعض المواضع