الإصابة والصدق، ولو كانت العِلَّةُ المنصب، لقال: فتبيَّنُوا أن تُعظِّموا فاسقاً بجهالة.
الحجة الثانية: قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا}[البقرة: ٢٨٢] واضح في الدلالة على أن المراد الصدقُ والتحري لا رَفع المناصب.
الحجة الثالثة: قولُه تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ}[البقرة: ٢٨٢] ولو كانت العلة المناصبَ، وتعظيمَ المؤمن، لم يحتج العَدْلُ في ذلك إلى مصاحبةِ عدلٍ آخر، فبان لك أن المرادَ قُوَّةُ ظَنِّ الصدق.
أحدُهما: أنَّ الله تعالى شَرع قبول الكفار عندَ الحاجةِ إليهم، وهُمْ لا يَسْتَحِقُّون التعظيمَ ومنصبَ التكرِمة والتبجيل.
وثانيهما: إنَّه لا يجوزُ قبولُهم بعلة الكفر، وبعلَّةِ الإهانة على كلام السَّيِّدِ، وقد خَصَّصَ الله سبحانه العِلةَ هنا، فأجاز قبولَهم، ففي هذا جوازُ تخصيص العِلة الذي أنكره السيد.
الحجة الخامسة: قولُه تعالى في هذه الآية: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ}[المائدة: ١٠٨] فقوله: {ذَلِكَ أَدْنَى} تنبيهٌ ظاهر على أن المقصودَ قوةُ الظن، وما هو أقربُ إلى الصدق.