للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ أعلم بأنَّ أحدَاً قال: بأنَّها حُجَّةٌ، والدَّليلُ على أنها ليست بِحجةٍ أنَّهُ يجوزُ أنْ يكونَ العالِمُ اعتمد العُمُومَ، أَوِ (١) القياسَ، أو الاجْتِهَاد، ثُمَّ تقَوَّى بِالخَبرِ على جِهَةِ الاستئناس والزِّيادة في الظَّن، وَلَوْ لَمْ يَكنْ معه إلا الخَبرُ، لم يَعْتمِد عليه، وقد يُصَرِّحُ (٢) بهذا كثيرٌ مِنْ أَهْل العلم في احتجاجِهِمْ لمذاهِبِهِم.

وكذلِكَ العَكْسُ مِن هذا قد يَحتجُّ العالِمُ بالخَبَرِ والقياسِ، ويكونُ مُعْتَمدَه الخَبرُ، وإيرادُه للقياسِ على سبيل إلاستظهار، ونظير ذلكَ أنَّ الحاكم إذا حَكَمَ بشهادَةِ رَجُلَيْنِ، كان الحُكْم تعديلاً لَهُمَا، ولو حكَم بشهادَةِ ثلاثة، كان تعديلًا لاثنينِ مِنْهُم، لجواز أَنْ يكونَ لَمْ يَعْلَمْ عدالَةَ الثالث، ولكِنْ تَقَوى بِهَا، وكذلِكَ العَالِمُ (٣) إذا قال قولاً، واحتجَّ بِحجةٍ مُنْفَرِدَةٍ دلَّ على صِحتِها عِنْدَهُ، وإذا احتجَّ بحُجَّتين، احتمل (٤) أنْ تكونا صَحِيحَتَيْنِ مَعَاً، وأَنْ تكون إحداهُمَا صَحِيحَةً، والأخرى ضَعِيفَةً عنده، لكن تقوَّى بها. فإذا لم يَثْبُتْ عَن الهادي أنَّه قال بِصحَّةِ الحديث، لم يَصِحَّ أنْ يعْمَلَ بِهِ، وإن لم يُعارضه حديث آخر، فكيفَ إذا عَارَضَهُ حديث صَحِيحٌ على شروطِ الأئمة، فَعَمِلْنَا بِهِ، كيف يجوز أَنْ يُقَالَ: إنَّا قد ذهَبْنَا إلى ترجيح فُسَّاقِ التَّأويلِ علَى الهَادِي عليه السَلامُ؟ وَمَتَى صحَّحَ الهادي الخَبَرَ بنصٍّ أو ظاهِرٍ مِنْ كلامِه عليه الكلام حتى يَثْبتَ ما هُوَ فَرْعٌ على هذا مِنَ التَّرجِيح؟

الوجه السادس: أنَّ الهادي عليه السَّلامُ لما ذكر المسألة، احتجَّ


(١) في (ب): " والقياس ".
(٢) في (ش): صرح.
(٣) ساقطة من (ب).
(٤) ساقطة من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>