للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أمثالهم: إن للشر خياراً (١).

وأما المنقول، فمعلومٌ بالضرورة من الدين في مواضع، أعظمُها قوله تعالى في جواز النطق بكلمة الكفر: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦]، وأعمُّها قوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩].

وروى الأمير الحسين في " الشفاء " عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "عند الضرورات تباح المحظورات " (٢). وفي حد الضرورة اختلافٌ بين العلماء، وهو ظني معروفٌ، وقد جعلها المؤيد بالله ما خرج عن حدِّ الاختيار في كثير من المواضع، وقد رخَّص النبي - صلى الله عليه وسلم - في لباس الحرير المحرم لأجل الحِكة، متفق على صحته (٣).


= الإضافة كما لم يكن " سبحان الله " و" معاذ الله " إلاَّ مضافين.
وقوله " بعض الشر أهون من بعض " قال الميداني: يضرب عند ظهور الشرين بينهما تفاوت وهذا كقولهم: إن من الشر خياراً.
(١) في " فصل المقال " ص ٢٤٤: قال أبو عبيد: قال الأصمعي في نحوٍ منه: " إن في الشر خياراً "، قال: ومعناه: إن بعض الشر أهون من بعض.
قال البكري: قال أبو خراش فنظمه:
حَمِدْتُ إلاهي بَعْدَ عُروَةَ إذ نجا ... خِراش وبَعْضُ الشر أهْوَنُ من بعضِ
بلى إنها تعفو الكُلومُ وإنما ... نوكَّلُ بالأدنى وإن جلَّ ما يَمْضِي
تعفو الكلوم: تبرأ الجروح، نوكل بالأدنى: نحزن على الأقرب فالأقرب، وما مضى ننساه وإن كان الرزء به جليلاً على الخِيار والأخيار، وكذلك الشر يجمع على الشرار والأشرار، أي إن في الشر أشياء خياراً، ومنه المثل كما قيل: " بعض الشر أهون من بعض " ويجوز أن يكون " الخيار " الاسم من الاختيار، أي: في الشر ما يختار على غيره.
(٢) ذكره السخاوي في " المقاصد الحسنة " ص ٢٦٩، وعلي القاري في " المصنوع في معرفة الحديث الموضوع " ص ١٢١، وقالا: ليس بحديث، وقال السخاوي: ومعناه صحيح، وقد اعتمده الفقهاء في إساغة اللقمة لمن خشي التلف بجرعة من خمر من غير أن يزيد على الحاجة.
(٣) أخرج أحمد ٣/ ١٨٠ و٢٥٥ و٢٧٢، والبخاري (٢٩٢١) و (٢٩٢٢) و (٥٨١٩)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>