للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيستحيل ممن علم تسعاً، وقلَّد في العاشرة أن يكون عالماً، ويستحيل ممَّن علم العشر المقدمات أن يزيد فيها، وهذا الذي ذكره ضروري، وهو يمحو تخيُّلهم في الجواب بالمرة (١).

قال الشيخ: فإن قيل: بم يميز المقلد بين نفسه، وبين اليهودي المقلِّد؟

فالجواب: أن المقلد لا يعرف التقليد، ولا يعرف أنه مقلد من (٢) يعتقد في نفسه أنه محق عارف، ولا شك في معتقده (٣)، ولا يحتاج في نفسه إلى التمييز، لقطعه (٤) بأن (٥) خصمه مُبطِلٌ وهو محق، ولعله - أيضاً- مستظهر بقرائن وأدلة ظاهرةٍ يرى نفسه مخصوصاً بها، ومميزاً بسببها عن خصمه، وإن كان اليهودي يرى نفسه مثل ذلك، فإنَّ ذلك لا يشوش على المحق اعتقاده، كما أن العارف الناظر يزعم أنه يميز نفسه عن (٦) اليهودي بالدليل، واليهودي (٧) المتكلم الناظر يزعم أنه مميز عنه بالدليل، فدعواه تلك لا تُشككُ الناظر العارف، فكذلك لا يُشكك المقلد القاطع، ويكفيه في الإيمان أن لا تشككه في اعتقاده معارضة المبطل كلامه بكلامه، فهل رأيت عامياً قط قد اغتمَّ وحزن من حيث تعسَّر عليه الفرقُ بين تقليده وتقليد اليهودي؟ بل لا يخطر ذلك ببال العوام، وإن خطر ببالهم وشوفهُوا به، ضحكوا من قائله، وقالوا: ما هذا إلا هذيان،


(١) " بالمرة " ساقطة من (ش).
(٢) في (ش): بل من.
(٣) قوله: " ولا شك في معتقده " ساقط من (أ).
(٤) في (ش): بقطعه.
(٥) في (ج): لأن.
(٦) في (ش): مميز عنه.
(٧) في (ش): فاليهودي.

<<  <  ج: ص:  >  >>