للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلّها من حديث زيد بن وهب، عن أبي ذرٍ أنّه قال: نزلت فينا، وفي أهلِ الكتاب، وخالفه معاويةُ، وقال: إنَّما نزلت في أهلِ الكتاب، وهذا الحديثُ إنَّما ذُكِرَ لسياق قصَّة أبي ذرٍّ، وسبب خروجه من المدينة لمخالفة معاوية له في ذلك، واجتماع النّاس عليه، وليس يَلْتَفِتُ أحدٌ مِنْ أهلِ السُّنَّة إلى ترجيح معاوية على أبي ذرٍّ، ولا يختلفون في ترجيح أبي ذَرٍّ، سيما وقد وافقه ابنُ عباس، وابنُ عمر، وثوبانُ، وأبو هريرة كما ذكره أهلُ كتب الحديث والتَّفسير، وإن كان الواحديُّ (١) أشار إلى اختلاف المفسرين في ذلك مِنْ أجلِ أنّ الآية الّتي قبلها في أهل الكتاب، ولذلك قالوا: إنّها محتملة، وهذا أيضاً غيرُ مرفوعٍ إلى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ويدلُّ على ما ذكرته أنّ البخاريَّ قال: باب قوله عز وجل {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: ٣٤] ثمَّ بدأ فيه بحديثِ أبي هريرة عنه - صلى الله عليه وسلم - " يَكُونُ كَنْزُ أحَدِكمْ يَوْمَ القيَامَةِ شُجَاعاً أقْرَعَ " (٢)، فجعلها في المسلمين، ثم قوّاه وأردفه بحديثِ أبي ذرِّ أنَّ معاوية قال: إِنَّما هِيَ فيهم، فقلت: إنَّها لَفِينا وفيهم.

التاسع: وفي " المسند " من طريق قتادة عن أبي شيخ أنَّ معاوية ذكر أشياء لجَمْعٍ مِنْ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: فقال: أتعلمون أنه نهى عن جمْعٍ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرة؟ قالوا: أمَّا هذه، فلا، قال: إنَّها مَعَهُنَّ.

رواه أحمدُ (٣)، وزاد: " ولكِنَّكمْ نَسِيتُمْ " ففي صحته نظرٌ، لما فيه من الاضطراب كما مضى في الحديث الثامن عشر من القسم الأول من حديث معاوية، وإن كان في ذلك النَّهْي عن القرانِ بين الحجِّ العمرة، وهو يقتضي النَّهْيَ عَنِ القِران، لا عن التَّمَتُّع، وهذا محتملٌ، وهو في القِران


(١) في " أسباب النزول " ص ١٦٥.
(٢) هو في " صحيحه " (٤٦٥٩).
(٣) ٤/ ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>