للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير آية: {لَعَلَّهُم يذَّكَّرون} أي: لمحبته ذلك لهم، وطلبه منهم عند أهل السنة كما مضى.

وقال في الغافلين: {أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: ١٧٩]، وتأمَّل قوله تعالى: {بَلْ هُمْ أضَلُّ} فإنه يدلُّ على أن الله تعالى مكَّنهم من اختيار الصواب بخلاف الأنعام.

وسيأتي ذكر إجماع أهل السنة على أن الله سبحانه ... (١) إلى العبد رحمةً من الله وعدلاً، وحكمةً بالغة لا عجزاً عن هداية من ضل كما يُلْزِمُ أكثر المبتدعة، ومع ذلك، فإن اختيار العبد لا يقع إلاَّ مُوافقاً لعلم الله وقدره ومشيئته، كما أن اختيار الرب لا يقع إلاَّ كذلك ولم يقتضِ ذلك نفي اختياره عز وجل.

وكما أن سبق العلم عند المعتزلة وسائر العُقلاء لا يستلزم نفي الاختيار، فكذلك سبق المشيئة والقضاء والقدر عند أهل السنة، وقد مضى في مسألة الإرادة بيان ما تحتمله العقول من معرفة وجوه الحكمة في ذلك، وما الصحيح فيه أنه من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلاَّ الله تعالى.

ويأتي في الكلام على الحكم في تقدير الشر، وطرفٍ صالح من ذلك في مسألة الأقدار إن شاء الله تعالى.

المرتبة الرابعة: وجوب الأفعال مع بقاء الاختيار بالنظر إلى تقدُّم القضاء والقدر والعلم والكتابة والقول ونحو ذلك، والمقصود بهذه المرتبة يَتِمُّ إن شاء الله تعالى بذكر خمس فوائد.

الفائدة الأولى: فيما وَرَدَ من النهي عن الخوض في القَدَرِ وبيان مرتبة ذلك من الصحة في بيان معناه. والوارد في ذلك عموم وخصوص، أمَّا العموم، فكل


(١) بياض في الأصول قدر كلمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>