للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليحمد الله، ومن وجد شراً فلا يَلُومَنَّ إلاَّ نفسه" (١).

وفيه إشارةٌ إلى ما تقدم من حكمة الله سبحانه في خلق الشُّرور الدنيوية والأخروية، وبعض أسباب الشرور الدينية، وأن فعل الله تعالى وخلقه في ذلك حَسَنٌ لوقوعه في حسان (٢)، وإن لم يُحِطِ البشر بجميع وجوه حكمته في بعض أفعاله ولا شيءٌ منها في بعضها، فالله سبحانه وتعالى له الحجة الدامغة، والحكمة البالغة، والإراده النافذة، والقدرة القاهرة، والكمال المطلق، وقصورُ العبد الظلوم الجهول عن معرفة أعيان الحكم على التفصيل لا ينتهض معارضاً للبراهين القاطعة الدالة على ثبوت أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، ومن أُشْرِبَ قلبه صفو الإيمان أغناه هذا الإجمال، ومن أصابه الشيطان بشيء من شؤم الكلام، والبدع، فليراجع ما تقدم في المرتبة الرابعة في حكم الله تعالى في تقدير الشرور، وما ذكرناه في المرتبة الثانية في الحكمة في عدم هداية الجميع.

خاتمةٌ: ومما أوهم على أهل السنة أنهم يقولون بالجبر ونفي الاختيار أنهم فِرَقٌ مختلفةٌ كما تقدم في مسألة الأفعال، ومنهم من يخوض في علم الكلام ويُعَبِّرُ بعباراتٍ مبتدعةٍ، ولا يتوقف على عبارات الكتاب والسنة والسلف الصالح السالمة من الشناعة، وإيهام ما لم يُقصد.

ولنذكر من ذلك عبارةً واحدةً في كتب بعض المتكلمين من الأشعرية كالغزالي ومن تابعه من المتأخرين: وهي أن الكفر وأنواع القبائح والفواحش من الله تعالى، وأن هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة والسلف الصالح مع تصريحه قبل هذا في " الإحياء " بنفي الجبر المحض، وإثبات الكسب للعبد الذي يختص باسم الكفر والقبائح (٣).


(١) تقدم ص ١٩.
(٢) في (ش): في الحكم إحسان.
(٣) في (ش): وأنواع القبائح.

<<  <  ج: ص:  >  >>