للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعْفِيَ جماعة مخصوصين منهم، ولا يأخذ منهم شيئاً، ما اعتقد أن كلامه (١) متناقضٌ ولا جَهِلَ أنه أراد بالرعية من عدا أولئك المخصوصين، وهذا معلومٌ للمميِّز من الصبيان الذين لم يبلُغُوا الحُلُمَ، فلا نطوِّل بذكره، فلولا كثرة التعنُّتِ والتَّسرُّع إلى تكذيب رُواة الآثار النبوية، لما ذكر هذا، ولا خَفِيَ مثله، والله أعلم.

وقد يخصُّ (٢) بالعموم بالقرينة، وهو كثيرٌ، خصوصاً في كلام أهل التفسير، ولذلك قال موسى عليه السلام في سورة القصص: {ربِّ إني قتلتُ منهم نفساً فأخاف أن يقتلون} [القصص: ٣٣]، بعد أن قال الله سبحانه له: {يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين} [القصص: ٣١]، وذلك أنه عليه السلام فَهِمَ من قرينة الحال، وسبب الآية أنه من الآمنين مما خاف منه بخصوصه، حيث رأى العصا تهتز كأنها جانٌّ، ولو فهِمَ العموم في الدنيا والآخرة من كل شيءٍ (٣) ما خاف القتل من قوم (٤) فرعون.

الفصل الثاني: في ذكر شيءٍ من وجوه التأويل التي يمكِنُ حمل أحاديث الوعد والوعيد وآياتهما عند ظهور الاختلاف، فمن ذلك أنه لا مانع من القول بأن بعض تلك الأحاديث ناسخٌ وبعضها منسوخٌ، وكذلك الآيات الكريمة، وهذا التأويل مشهور الصحة في كُتُبِ الأصول الفقهيَّة، وفي كتب الأحاديث الصحيحة القويَّة، وفي شُرُوح الأحاديثِ النبوية.

أما كتبُ الأصول الفقهية، فممَّن نص عليه واختاره واحتج عليه على ما يأتي فيه (٥) من التفصيل: الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة بن سليمان عليه السلام في كتابه " صفوة الاختيار "، وحكاه عن الشيخ أبي عبد الله والقاضي وجماعةٍ من الفقهاء، واختار عليه السلام جواز ذلك إلاَّ فيما لا يجوز أن يتغير


(١) في (ف): " هذا ".
(٢) في (ش): " خص ".
(٣) عبارة: " من كل شيء " ساقطة من (ف).
(٤) " قوم " ساقطة من (ش).
(٥) " فيه " ساقطة من (ف).

<<  <  ج: ص:  >  >>