للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره، فتأمَّل ذلك.

واعلمْ أنَّ هذه الجملة كافيةٌ في الجواب على ما ذكره السيدُ في الموضع الثَّاني مِنَ المسألة الثَّانية، وتتبُّعِ كلامِهِ لفظةً لفظةً كما صنعتُ في جميع أوَّلِ رسالته يَطُولُ من غير طائلٍ، وليس فيه (١) أكثرُ مِنْ بيان ما يردُّ عليه مِنَ الإشكالات، وما في كلامه مِن المناقضات، ومجرَّدُ التَّتبُّعِ للعثرات ليس بمقصودٍ ما لم يكن فيه إيضاحٌ لِحَقِّ، أو دَلَالَةُ على هُدَىً، ولكن (٢) لا بُدَّ من التَّنبيه على ما عَظُمَ مِنْ أوهامه أيده الله لأجل ما في معرفتها مِنَ النَّفع والفائده، لا لمجرَّدِ الاعتراض، فلو أردتُ الاستكثار مِنْ ذلِكَ، لاستوفيتُ الجواب على كتابه، وتتبَّعتُ (٣) كُلَّ لفظةٍ من خطابه، لكنِّي كرهتُ ذلك لِمَا فيه من تضييعِ الوقت، وقِلَّةِ الجدوى، فلنقتَصِرْ على ذكرِ ما يُفيدُ من أوهامه أيَّدهُ الله.

الوهمُ الأول: قال أيَّده الله: إنَّ المحدِّثين يذهبونَ إلى أنَّ الصحابة لا يجوزُ عليهمُ الكبائِرُ، وأنَّهم إذا فعلوا المعصية الظَّاهرة، عَدُّوها صغِيرَةً. لكِنِ السَّيِّدُ سمَّاهم بغير اسمهم (٤)، وهذا وهمٌ فاحش، فإنَّه قد قَدَّمَ أنَّ الصَّحابي عندهم هو مَنْ رأي النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، والقولُ بعصمة مَنْ رأي النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يُنْقَلْ عن أحدٍ مِنَ الأُمَّة أبداً، بل ما نُقِل عن أحدٍ من العُقلاء، وهذه كتبُ المِلَلِ والنِّحَلِ موجودةٌ، والسَّيِّدُ مُطالَبٌ بنقل ذلك عن (٥) ألفاظهم ونُصوصهم، وفي أيِّ كُتبهم قالوا ذلك، فأمَّا الذي وجدناه في


(١) ساقطة من (ش).
(٢) في (ب): لكن.
(٣) في (ش): أو.
(٤) في (ب): أسمائهم.
(٥) في (ب): من.

<<  <  ج: ص:  >  >>