للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماء موجودةٌ بِحَمْدِ اللهِ، من ادَّعى أنهم نصُوا على أكثرَ من هذا، فليُوقِفْنَا عليه، وأما ما يُطوِّلُونَ بذكره من معرفةِ الناسخِ والمنسوخ، والعمومِ والخصوصِ، ونحو ذلك، فذلك كُلُّه داخلٌ فيما ذكرتُه مِن قراءة تلك الكتب.

الوجه الثالث: إذا ادَّعى جماعةٌ من أصحابِ الشافعي جهلَ الأمَّة والعِترة، فقد ادَّعى العلمَ غيرُهم من أئمة العِترة وعلماء الأمة، فتعارضَ كلامُهم، فنظرنا في الترجيح، فوجدنا تصديقَ أئمةِ العِترة، وعلماء الأمة أرجحَ لوجهين:

الأول: أن هؤلاء الأئمة ادَّعوا العلمَ، وقولُ العدل المرضي: إنه مجتهدٌ مقبول إجماعاً، وهو أحدُ الطرق إلى معرفة اجتهادِ العالم. وأما دعوى بعضِ الناسِ لجهل العلماء مع إنكارِ العلماء لذلك، فلا يُقْبَلُ إِجماعاً، لأنَّه ليس لنا أن نُصدِّق من ادعى على مسلم ما يُدخِل عليه النقص مِن غير بينة ولا حجة، وذلك المسلم منكرٌ لتلك الدعوى، سواء كان المدعي عدلاً أو مجروحاً، معروفاً أو مجهولاً، وهذا إجماع.

الثاني: أن بعضَ أصحاب الشافعي نَفَوْا الاجتهاد، وأئمة العِترة وعلماء الأمة أثْبَتُوه، والمثبت أولى من النافي، وهذا واضح على أن في أصحابِ الشافعي رحمهم الله من ردَّ على هؤلاء المتشددين مثل الإمام يحيى بن أبي الخير العمْراني (١)، فإنَّه حكى ما قالُوا، وردَّ ذلك بسهولة العلم بعدَ تدوينه في الكتب.

الوجه الرابع: الدليلُ قائم على غَلَطِ منْ قال بذلك ووهمه، والسيدُ أيده الله لا يزالُ يُقرىء أنَّه لا يجوز خُلُوُّ الزمان مِن مجتهد يَصْلُح للإمامة،


(١) شيخ الشافعية في اليمن صاحب البيان وغيره من المصنفات، المتوفى سنة ٥٥٨ هـ، مترجم في " طبقات الشافعية " للسبكي ٧/ ٣٣٦ - ٣٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>