للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جداً؛ لأنَّه خلافٌ لجماهيرِهِمْ في أمرٍ غيرِ واجبٍ عِنْدَهمْ، وذلك لأنَّ مذهبَ جماهيرِ العِترة مِنَ المُتَقَدِّمينَ والمتأخِّرين أنَّ الجهر بالبسملة (١) والفاتِحَةِ في الصَّلَاةِ غَيْرُ واجبٍ. وقد ذكر ذلك الأمير الحسينُ في "الشِّفاء".

فالمخافِتُ (٢) تاركٌ لِسُنَّةٍ عندَ جماميرِ العِترة، ولا إثمَ عليه، ولا حرجَ، ومَنْ كانَ عِنْدَ جماهيرِهِمْ غيرَ عاصي (٣)، فالإنكارُ عليهِ عِنْدَهمْ مِنَ المعاصي.

هذا كُلُّهُ على تسليمِ ما ادَّعاهُ الخَصْمُ مِنَ المُخَافَتَةِ، وَلَسْتُ -بِحَمْدِ اللهِ- أُخَافِتُ، بَلْ أجْهَرُ عَلَى مَذْهَبِ زَيْدٍ والهادي عَلَيْهِمَا السَّلام كما تَقَدَّمَ ذلِكَ، فهذا الكَلَامُ انسَحَبَ عليَّ مِنَ الكلاَمِ على جوازِ الأمرين: الجَهرِ والإِخفاتِ، وقد طال، وهو مُفيدٌ إن شاء الله تعالى.

الوجه الرابع: سلَّمنا أنا لَمْ نقلْ بجوازِ الجَهْرِ والإخفات معاً، وأنَّا (٤) قلنا بأنَّ السُّنَّةَ الإِخفاتُ، فإنَّه يُمْكِن أنْ نَحْمِلَ أحاديثَ الجَهْرِ على معنى صحيحٍ، ونَجْمَع بَيْنَ الأحاديث، ولا نطرحَ أحاديثَ أهلِ البيتِ عليهم السَّلامُ، فإنَّ طرحَ أَحَدِ الحديثين لا يجوزُ إلاَّ بعد تَعَذُّرِ الجَمْعِ بينهما؛ لأنَّ الجمْعَ أولى بالاتِّفاقِ إنْ كان إليه سَبيل.

وقد ذكَرَ مَنْ تَقدَّمَ مِنْ أهلِ العلم الجمعَ بينَ الأحاديثِ في هذه المسألَةِ، وقال: إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جهر بها لِيُعْلِمَ الناسَ أنها تُقرأ سرَّاً،


(١) في (ب): في البسملة.
(٢) في (ب) و (ش): فالمخالف.
(٣) كذا الأصول بإثبات الياء، والجادة حذفها، وما هنا له وجه.
(٤) في (ش): وإن.

<<  <  ج: ص:  >  >>