للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمع فقط، ومنهم من قال: إنَّه لا يكون حجةً على الإطلاق وهو مذهبُ أبي ثور (١)، وحكاه المنصورُ بالله عليه السلام في " الصفوة " عن عيسى بنِ أبان (٢)، ومنهم من عكس (٣).

فمع هذا الاختلافِ الشديد كيف يحتج السيدُ على خصمه بالعموم المخصوصِ، ويلزمه الموافقة في المسألة ويدعي أنَّها قطعية، ولا يبينُ الدليلَ القاطع على أن العمومَ المخصوص حُجة؟

فإن قلتَ: ومن أين أن (٤) هذا العموم مخصوص؟

قلتُ: على تسليم إنَّه عمومٌ، فهو مخصوص بالإجماع، فإن خبرَ الفاسق مقبول في مواضع بالاتفاق، سواء كان مصرحاً أو متأولاً، وذلك كخبره بطلاق زوجته، وتذكيته لذبيحته، وإسلامه، ووقفه لماله، وتوبته، ونجاسة ثوبه وطهارته، وعتقه لمملوكه، وإقراره على نفسه، وأمثال ذلك مما لا يحصى كثرة.

الإِشكال الرابع عشر: أنَّ الآية وردت بلفظِ الأمر في قوله تعالى: {فَتَبَيَّنُوا}، والسيد -أيده الله- يعرف أن بينَ العلماء خلافاً كثيراً في


(١) هو الإمام الحافظ الحجة المجتهد مفتي العراق إبراهيم بن خالد الكلبي البغدادي الفقيه المتوفى سنة ٢٤٠ هـ قال ابن حيان: كان أحد أئمة الدنيا فقهاً وعلماً وورعاً وفضلاً، صنف الكتب، وفرع على السنن، وذب عنها. مترجم في " سير أعلام النبلاء " ١٢/ ٧٢ - ٧٦.
(٢) هو عيسى بن أبان بن صدقة القاضي فقيه العراق، تلميذ محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، وقاضي البصرة، وله تصانيف وذكاء مفرط، وفيه سخاء وجود زائد، توفي سنة ٢٢١ هـ. " سير أعلام النبلاء " ١٠/ ٤٤٠.
(٣) انظر " المعتمد " ١/ ٢٦٥ - ٢٧٢، و" المحصول " ١/ ٣/٢٢ - ٣٣، و" المستصفي " ٢/ ١٥٧، ١٦٢، و" نهاية السول " ٢/ ٤٠٣ - ٤٠٧.
(٤) " أن " ساقطة من (ج).

<<  <  ج: ص:  >  >>