للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتياطاً لحكم الوراثة (١)، والولاية وما يترتَّبُ على النّسَبِ، فقالوا مع ذلك: تجبُ العِدَّةُ على العقيم، والآيسة، والصَّغيرة، وعِنْدَ العَزْل؛ لأنَّ باطِنَ الأرحام إنَّما يَطَّلِعُ عليها علاَّمُ الغُيوب، فلو فتحنا بابَ النَّظر في التَّأويل، كُنَّا راكبين مَتْنَ الخطر، فكما أن إيِجابَ العِدَّةِ حُكْمٌ شرعيٌّ يَثبتُ (٢) بالاجتهاد ويترجَّح (٣) طريقُهُ بالأولى، فنعلم أن هذا الاحتياط في الخَبَر عَنِ الله تعالى، وَعَنْ صفاته أهمُّ وأوْلَى مِنَ الاحتياطِ في العِدَّةِ، و (٤) في كلِّ ما احتاط الفقهاءُ فيه مِنْ هذا القبيل.

وأمّا التَّصَرُّف الثَّاني: وهو بالتَّصرف بالتَّأويل، وهو بيانُ معناه بعدَ إزالة ظاهرِه، فهذا إمّا أن يَقَعَ مِنَ العامِّيِّ مع نفسه، أو مِنَ العالِمِ مع العامِّيِّ، أو مِنَ العالِمِ مع نفسه، بينَه وبَيْنَ ربه، فهذه ثلاثةُ مواضع.

الأول: تأويلُ العامِّيِّ على سبيلِ الاستقلال بنفسه، فهو حرامٌ، يُشْبِهُ خوضَ البحرِ المغرقِ (٥) مِمَّن لا يُحْسِنُ السَّباحة، فلا شكَّ في تحريمه، وبَحْرُ معرفة ذاتِ الله وصفاته أبعدُ غوراً، وأكثرُ معاطِبَ ومهالك من بحر الماء.

الموضع الثاني: أن يكونَ ذلِكَ مِنَ العالِمِ مع العامِّيِّ، وهو أيضاً ممنوع، ومثاله: إنْ بحَّرَ الغواصُ (٦) مع نفسِهِ عاجزاً عَنِ السِّباحَةِ، مضطربَ القلب والبدنِ، وذلك حرامٌ، لأنَّهُ يعرِّضه لخطرِ الهلاك، فإنَّه لا


(١) في (ش): الورثة.
(٢) في (ش): ثبت.
(٣) في (ش): وترجح ويترجح.
(٤) من قوله: "الخبر" إلى هنا ساقط من (ش).
(٥) ساقطة من (ش).
(٦) في (ش): الغوامض، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>