للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعينها، ولا يتأوّلها ويقول: إنه تعالى يستوي كما أراد، لا كاستواء الأجسام، وأكثر ما يقول: إنَّه جسمٌ لا كالأجسام، فقوله: لا كالأجسام تصديقٌ لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، وشرطُ الكفر أن يكون تكذيبُه بالآية معلوماً علماً قاطعاً (١)، وقيل: ضرورياً، وهو الصحيح، وأيُّ قطعٍ على تكذيبه بها، وهو يقول: لا كالأجسام، ويقول: إنها صحيحة المعنى، محكمة غير مأولة (٢)، وهذا الذي اختاره الإمام يحيى بن حمزة في " التمهيد "، وحكى شارح " جمع الجوامع " لابن السبكي عن أحمد بن حنبل أن من قال: جسمٌ لا كالأجسام فهو كافرٌ.

المعرفة الثانية: أن التكفير سمعي محضٌ لا مدخل للعقل فيه، وذلك من وجهين:

الوجه الأول: أنه لا يكفر بمخالفة الأدلة العقلية وإن كانت ضروريةٌ، فلو قال بعضُ المُجَّان وأهل الخلاعة: إن الكلَّ أقلُّ من البعض لكانت هذه كذبةٌ، ولم يحكم أحدٌ من المسلمين بردته مع أنه خالف ما هو معلومٌ بالضرورة من العقل، وما لا يُوجَدُ في العلوم العقلية أوضح منه.

ولو قال: إنَّ صلاة الظهر أقلُّ من صلاة الفجر، لكفر بإجماع المسلمين، فإن خالف العقل والسمع معاً، مثل قول القرامطة: إنَّ المؤثر في وجود الموجودات يجب أن لا يكون موجوداً ولا معدوماً، كفر (٣) لأجل مخالفة السمع فقط، إذ لو قال بمثل هذه الضلالة فيما لم يَرِدْ به السمع لما كفر، مثل الكلام في الماهيات الكليات الذهنيات كماهية الإنسان التي في


(١) في (د): قطعاً.
(٢) في (د): متأولة.
(٣) في (ش): ما كفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>