للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفسير سورة الزمر في تفسير قوله تعالى منها: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: ٦٧] ما لفظه: وجاء في الحديث الصحيح ما يُوافق الآية، من ذلك ما خرَّجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة:

" يقبض الله الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟ " (١).

وأخرجاه من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة، ثم يأخُذُهُنَّ بيده اليمنى " (٢) وهذا مثل الآية على التمثيل والتخييل. انتهى بحروفه.

فإذا جاز عنده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، المبيِّن للقرآن، يأتي بمثل هذا المتشابه عند نزول المتشابه، فيزيده إشتباهاً، ويُسمعُه عامة أُمَّته، ولا يشمُّهم رائحة التأويل، فأيُّ شيءٍ أنكر روايته بعد تصحيح مثل هذا على المحدثين؟! فالله المستعان.

المقدمة الثانية: أن التأويل المتعسَّف مردودٌ متى عُلِمَ باليقين أنه تأويل متعسَّفٌ، ولم يكن مما يُحتمل، وفي هذه المقدمة نكتةٌ لطيفةٌ، وذلك أنه قد يأتي بعض البُلداء، فيطلُبُ التأويل، فيقع ذهنه على تأويلٍ ضعيفٍ متعسف، فيحسب أنه لا تأويل للحديث إلاَّ ذلك، ويستدل على بطلان الحديث بأن ذلك التأويل متعسَّفٌ، وما كان تأويله متعسفاً، فهو مردودٌ، ولم يشعر المسكين أن حكمه بأن ذلك التأويل متعسَّفٌ صحيحٌ، ولكن لا يلزم منه أنه لا تأويل للحديث سواه، فإنه يمكن أن للحديث تأويلاً صحيحاً، وأنه (٣) لم يعرفه، فإن منتهى الأمر أنه طلب، فلم يجد، لكن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.

وكذلك إذا وجد بعض شرَّاح الحديث من الأشاعرة وغيرهم، قد يؤوِّل


(١) تقدم تخريجه ٣/ ١١٣.
(٢) تقدم تخريجه ٣/ ١١٤.
(٣) في (ش): " وإن ".

<<  <  ج: ص:  >  >>