للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ هو من الأمور الوجدانيات كالألم والجوع والغضب والرضا، فكيف بالتعبير في محارات العقول في (١) مسألتي المشيئة والأقدار متى وقع ممَّن لم (٢) يتدرب في الحدود والجَدَل، ولا أشعر نفسه الحزم من النقاد والحَذَرَ مما لا يكاد يُصيب شاكلة الرمي ويطبقُ مَفْصِلَ الإجادة إلاَّ من (٣) مَلَّكَه الله أزمة الإصابة والسعادة.

وحاصل مذهب أهل السنة على التقريب، وإن أخطأته عبارة بعضهم هو ما ذكرته من تعميم نفوذ (٤) مشيئة الله تعالى بما تعلقت به تعظيماً لقدرته جل جلاله من القصور عن كل مقصود (٥) ومقدور مع اختصاص محبته بالطاعات، وكراهته بالمعاصي المُقَبِّحات.

وفي مقام التعبير عن الكتاب والسنة والآثار تَزِلُّ الأقدام، وتفاوت الأفهام، ويتصعَّب المرام، وقلَّ من ينجو بسلام، والذي أحبُّه وأرتضيه للسني ترك العبارات المولدة والتكلُّفات (٦) الحادثة، وإن نطق بها بعض أهل السنة ظنّاً منه بأنه يترجم (٧) بها عن القرآن والحديث، ولو تَفَطَّن لم يُجاوِزْ عبارات القرآن والحديث، فإنها أفصحُ الكلام، وأصحُّه وأبينه، وأوضحه ولم يرد إلاَّ بما يقتضي كمال قدرة الله تعالى، وهو التمدح بنفوذ (٨) مشيئة الله في كل شيءٍ.

وهذا وصفٌ جليل جميل يختصُّ به الرب سبحانه، ويليق بجلاله، ويعجز عنه كل قادرٍ سواه بخلاف مجرد إرادة القبيح الذي ظن بعض أهل السنة أنها مرادفة لذلك الوصف الجليل الجميل، وكيف يُرادِفُه وهو من خصائص ربِّ العزة جلَّ جلالُه؟

وإرادة القبيح مجرّدةً عن ذلك صفةٌ عريَّةٌ عن الثناء بالمرة يقع من


(١) في (ش): ومسألتي.
(٢) ساقطة من (ش).
(٣) في (ش): ممن.
(٤) في (ش): تفرد.
(٥) في (ش): لقدرته جل جلاله عن المقصود.
(٦) في (ش): والتكليفات.
(٧) في (أ): مترجم.
(٨) في (ش): بتفرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>