للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تستعمل الإرادة في موضع المحبة والعكس، وقد يصح ذلك مجازاً فيحتاج إلى القرينة، أو حقيقة عرفية فلا يحتاج إلى القرينة، وقد لا يصح ذلك بحسب المتعلقات وسياق الكلام، بل قد تُعَلق المحبة والكراهة بالشيء الواحد فيكون محبوباً مكروهاً باعتبار الجهتين، كما أجمع الكل عليه في اليمين الغموس الكاذبة حين تَجِبُ على المنكر شرعاً، فيحسُنُ من صاحب الحق والقاضي إرادتها من حيث أنها حق للمدعي على المنكر، ويجب على المدعي من حيث يعلم أنها زور كراهتها من حيث هي معصية مع إرادته لها من حيث هي واجبة. وسيأتي ذلك مع نظائره.

وفي هذا المقام الدقيق تختلف عبارات أهل السنة وربما لزم من ظاهر بعضها ما لم يقصده قائله (١)، كما يكون ذلك في كلام كل فرقة.

فقد رأينا العلماء والبُلغاء متى أرادوا تحقيق أمرٍ واحد (٢) وتمييزه عن غيره قَلَّ من يُصيب المقصود من ذلك على ما ينبغي، وكثُرتِ الإشكالات على مَنِ ادَّعى تجويد الحدِّ، وتحقيق التمييز.

هذا مع استشعارهم للحذر مِنَ (٣) الغلط في ذلك، وبذل الجهد في ترك فَضَلاتِ الكلام، والتجوُّز في العبارات، لأن ذلك كله معيبٌ في الحدود.

ولقد اشتد خلاف الأذكياء في حدِّ العلم.

فقال بعضهم: لا يُحَدُّ لجلائه (٤).

وقال بعضهم. لا يُحَدُّ لعسره.

وقالت طائفة: لا بد من تحديده. ثم اختلفوا في حدِّه أشد الاختلاف، فهذا مع أن العلم هو الذي تُعْرَفُ به الدقائق والجليات، وهو مُدْرَكٌ بالفطرة،


(١) في (ش): ما لم يقصدوا تأويله.
(٢) في (أ): وحده.
(٣) " للحذر من " ساقط من (ش).
(٤) في (ش): " بجلاله "، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>