للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أن دفع المضرة المظنونة واجبٌ، فالمتبع هنا هو الظنُّ، ودليلُ العقل لا سبيلُ المخبر بذلك.

الإشكال الخامس: أنَّ العملَ بما يظن الإِنسانُ وجوبَه، وترك ما يظن حرمتَه ليس سبيلَ المفسدين إنما هو سبيلُ التحري من المؤمنين وهذا معلوم لِكُلِّ عاقِل، فثبت أن العملَ بروايتهم فيما يُظنّ وجوبه أو حرمتُه ليس اتباعاً لِسبيلهم قطعاً، بل اتباع لسبيل أهل الاحتياط والورع والتقوى.

الإشكال السادس: أنا قد بينَّا في الفصل الثاني أنه قد روي إجماعُ الأمة على جواز قبولِ المتأولين، وجاء ذلك من عشر طرق، فصارَ من اتباع سبيلِ المؤمنين، وكان الأولى أن يقال: لا يُرَدُّ حديثُهم ورواياتُهم لقوله تعالى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥].

الإشكال السابع: أنَّه معلومٌ بالتواتر والضرورة على تقديرِ تسليم عدمِ الإجماع أن قبولَهم قولُ طائفة من أئمة العِترة عليهم السلامُ، ومِن سائر عيون العلماء الأعلام، فالقائلُ لهم مُتَّبعٌ لسبيل (١) هذه الطائفة، لا لسبيلِ المفسدين لأنَّه اتبع سبيل ص (٢) بالله وم بالله وأمثالهما من شِيعة العِترة رحمهم الله تعالى وسبيلَ أئمة الفقهاء الأربعة المقتدى بهم في جميع آفاق الإسلام، وهؤلاء ليسوا من المفسدين في الأرض الذين قال الله تبارك اسمُه فيهم: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: ٣٣].


(١) لسبيل: ساقطة من (ب).
(٢) ص تعني: المنصور بالله، وم: المؤيد بالله كما هو مصرح به في (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>