للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقُبح (١) في الأفعال، ولو قُدرتْ من الله بخلاف من علَّل ذلك بأنه لا يقبح (٢) منه عزَّ وجلَّ قبيحٌ، ويلزمهم عدم اختيار الرب عزَّ وجلَّ في ترك الواجب عليه عندهم، وذلك صريح القول بأن الله عزَّ وجلَّ غير مختار.

فالعجب منهم لا يكفرون من قال ذلك من أكابر شيوخهم ويكفرون من قال: أفعال العباد مخلوقة، وبيَّن أن مراده بذلك ذواتها، لا كونها معاصي كما يأتي إن شاء الله تعالى.

وأكثر هذه البدع باطلٌ بالضرورة، وما أحسن قول بعضهم: إن النبوات في جانب، وما جاء به المتكلمون من (٣) البدع في جانب، وممن أشار إلى هذا الفخر الرازي كما تقدم في الصفات، ولذلك ترى علماء الكلام أعداء لحملة العلم النبوي إلاَّ من عصم الله، وإنما نتكلم في الرد عليهم نافلةً وتبرُّعاً وتعرُّضاً لثواب الله تعالى في نصر (٤) السنة وذلك على القول المختار عندنا من حسن المناظرة لمنكري الضرورات متى كانت من الدعاء إلى الله بالتي هي أحسن، ولم تكن من (٥) المراء المقصور على إثارة الشرور، وإيحاش الصدور (٦)، ولذلك لم يشتمل هذا الوجه على حجة زائدة على بيان مقصدهم (٧) بياناً لا يستتر معه قبح مذهبهم، فإنه متى وَضَحَ وبان لم تقبله قلوب أهل الإيمان، ولم يُحْتَجْ في رده إلى برهانٍ.

الوجه الثاني: أن كل مُبطلٍ أراد تعجيز الله تعالى عن أمرٍ، فإنه لا يعجز عن مثل هذه الحيلة، وقد ألزمهم أهل السنة تجويز أن لا يقدر الله تعالى على هداية العُصاة كُرْهاً، كما لا يقدر على هدايتهم اختياراً، ثم لا يكون ذلك عجزاً


(١) في (ش): والقبيح.
(٢) في (ش): لا يصح.
(٣) في (أ): في.
(٤) في (ش): نصرة.
(٥) في (أ): في.
(٦) في (أ): الصدر.
(٧) في (ش): مقاصدهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>