للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الشناعة بذلك التوجيه، فأضافوا إلى تلك الشناعة مثلها، وهي قولهم: إن الرب اللطيف لما يشاء سبحانه وتعالى لا يعلم لُطفاً لمن شاء هدايته من جميع العصاة، وكلا هاتين الشناعتين مما يأباه من بقي على الفطرة من جميع المسلمين.

ولا يحتاج من يُقرُّ بالنبوات إلى مناظرة في ذلك، فإن المعلوم ضرورة من النبوات يدفَعُه، وقواعدهم تصحح هذا الإلزام (١) الشنيع، وهم لا يبعدون من التزامه في المعنى، ولذلك صرَّح من أجمعوا على تعظيمه بنفي قدرة الله على القبيح كالنظام (٢) والأسْوَاري (٣) وجعلوا هذه المسألة من مسائل الخلاف بين شيوخهم، وهي (٤) صريح التعجيز بإثباتهم (٥) معها حكم العقل بالحسن


(١) في (ش): الالتزام.
(٢) هو شيخ المعتزلة، صاحب التصانيف، أبو إسحاق إبراهيم بن سيار مولى آل الحارث بن عبَّاد الضبعي البصري المتكلم، تكلم في القدر، وانفرد بمسائل، وهو شيخ الجاحظ. مات في خلافة المعتصم سنة بضع وعشرين ومئتين.
انظر " سير أعلام النبلاء " ١٠/ ٥٤١ - ٥٤٢.
(٣) هو علي الأسواري المتوفَّى سنة ٢٤٠ هـ، وإليه تُنسب الأسوارية، وهم طائفة من المعتزلة.
قال عبد القاهر البغدادي في " الفرق بين الفرق " ص ١٥١: وهم أتباع علي الأسواري، وكان من أتباع أبي الهذيل، ثم انتقل إلى مذهب النظام، وزاد عليه في الضلالة بأن قال: إن ما علم الله ألا يكون لم يكن مقدوراً لله تعالى.
وفي " مقالات الإسلاميين " ص ٥٥٥: وقال النظام وأصحابه وعلي الأسواري والجاحظ وغيرهم: لا يوصف الله سبحانه بالقدرة على الظلم والكذب، وعلى ترك الأصلح من الأفعال إلى ما ليس بأصلح، وقد يقدر على ترك ذلك إلى أمثال لهُ لا نهاية لها مما يقوم مقامه، وأحالوا أن يوصف البارىء بالقدرة على عذاب المؤمنين والأطفال وإلقائهم في جهنم.
وانظر " الأنساب " للسمعاني ١/ ٢٥٧ - ٢٥٩.
(٤) تحرفت في (ش) إلى: ونفي.
(٥) في (ش): لإثباتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>