الجواب السادس: أن كلام السَّيِّد -أيَّده الله- مما يجب عليه النظر في نقضه، لأنَّه ليس مما يختصُ بمحمدِ بنِ إبراهيم، بل هو تشكيكٌ في القواعد الإسلامية، وتشكيكٌ على أهل الملَّة المحمّدية، وذلك أًنَّهم أجمعوا على حُسْنِ الرجوعِ إلى الكِتاب والسُّنة في جميع الأحوال على الإطلاق، وأجمعوا على وجوبِ ذلك على جميع المكلفين في بعض الأحوال.
والسَّيِّد -أيَّده الله- بالغ في التشكيك على مَنْ أراد الرجوع إلى الكتاب والسُّنَّة، بحيث لو تصدَّى بعضُ الفلاسفة للتَّشكيكِ على المسلمين في الرجوع إلى كتاب ربِّهم الذي أُنزِل عليهم، والاعتمادِ على سُنَّة نبيهم الذي أُرْسِل إليهم، ما زاد على ما ذكر السَّيِّدُ، فإنه شكك في صحة الأخبار النبوية، وطعن في جميع طُرُقِها، وطرَّقَ الشك في إسلام رُواتها، وفي إسلام من استطاعَ أن يُشكِّكَ في إسلامه، حتى شَكَّكَ في إسلامِ الإمامين الكبيرين مالكٍ والشافعيِّ، فمنع من معرفة حديثِ الفقهاء، وأوجب معرفةَ رجال الأسانيد، ومعرفةَ عدالتهم وعدالة مَن عدَّلهم، وعدالة من عدَّل المعدل، وهذا غيرُ موجودٍ في حديث أهلِ البيت -عليهم السلام- لِقبولهم للمرسل، ولهذا لم يصنفوا في الجَرحِ والتعديلِ، ومعرفةِ الرجال، واختصرُوا ذِكْرَ الأسانيد، فإن ذُكِرَتْ في بعض كتبهم البسيطة التي لا تُوجد في هذه الأرض، فذكرها لا ينفع، بل ذكُرها يَضرُّ، وذلك لأن المُرْسَلَ مقبولٌ عند كثير من أهل العلم.
وأما المسند فإنْ كان رجالُه معروفينَ بالعدالة، فمقبول بالإجماع، وإن كانوا غير معروفين، فمردودٌ عند من يقبل المرسلَ وعند من يشترط العدالةَ، والأسانيدُ الموجودة في كتب أهل المذهب مِن هذا القيد