للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: يَرِدُ على هذه الدعوى للإجماع من طريق أبي طالب عليه السلام إشكالات:

الإشكالُ الأوَّل: أن السَّيِّد قد أقرُّ في آخر كتابه في المسألهَ الثانية أنَّ الشيخَ أحمد روى عن أبي طالب قريباً من الإجماع. هكذا نصَّ السيدُ في كتابه، ثم لما وصل إلى هذا المكان جعله إجماعاً، ولا شكَّ أن بَيْنَ الشيء وبَيْن ما هو قريبٌ منه فرقاً ظاهراً، لأن الشيء غيرُ ما هو قريبٌ منه بالضرورة، فكيف استحل السيدُ أن يرويَ عن أبي طالب أنَّه روى الإجماع على الإطلاق مع إقرار السَّيِّد أنَّه ما روى إلا قريباً من الإجماع؟! وكيف لو لم يتقدم مِن كلام السيدِ ما يَشْهَد ببُطلانِ دعواه هذه، ألم يكن الواقفُ عليها يغترُّ بها، ويبني عليها حُكماً شرعياً. وليت شعري ما حدُّ مقاربة الإجماع، فهذه عبارة غريبة ما علمتُ ذكرها أحد من العلماء، ويُقوي ذلك أن السيدَ أبا طالب شَحَن كتابه " الأمالي " بالرواية عن أئمة الحديث المخالفين في الاعتقاد كالحافظِ أبي أحمد عبدِ الله بن عدي شيخِ أبي طالب روى عنه في " أماليه " مشافهةً قدرَ تسعين حديثاًً، وخرَّج فيه حديثَ أبي داود، وابنِ ماجة، وابنِ السُّني، وأحمدَ بنِ حنبل، وابنِهِ عبدِ الله بن أحمد بن حنبل، ومالكٍ، وعبدِ الرحمانِ بنِ أبي حاتِم، والحسنِ بن سفيان النَّسوي، والحارثِ بن محمد بن أبي أسامة، والأنباري وهو محمد ابن القاسم (١) كذا وجدته بخطي، قال ابن الأثير في " الجامع ": وهو


(١) هو الحافظ العلامة شيخ الأدب أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار النحوي صاحب التصانيف الكثيرة في علوم القرآن والغريب والمشكل والوقف والابتداء المتوفى سنة ٣٢٨ هـ، وكان -كما وصفه الإمام الذهبي- من أفراد الدهر في سعة الحفظ والصدق والدين. " تذكرة الحفاط " ٣/ ٨٤٢ - ٨٤٤ وهو مترجم في " سير أعلام النبلاء " ١٥/ ٢٧٤ - ٢٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>