للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للتشغيب الذي ذكره، ومزيلة للتشويش الذي أورده.

الجواب الثالث: أن العِتْرة -عليهم السلامُ- أجمعت على جواز نسبة مذاهبِ الفقهاءِ إليهم مِن غيرِ ذكر إسنادٍ، وذكْرِ عدالةِ رجاله، ومن عدل المعدل مع أن بينَنا وبيْنَ الفقهاء وغيرهم مثل ما بيننا وبين المحدثين من غير فرق، فكما يجوز إسنادُ فقه الفقهاء إليهم ولم يكنْ ذلك الاحتمالُ مانعاً منه، فكذلك يجوزُ نسبةُ ما في كتب المحدثين إليهم، ولا يكونُ الاحتمالُ مانعاً.

الجواب الرابع: أن كلام السَّيِّد -أيَّده الله- مبنيٌّ على أن المرسل غيرُ مقبولٍ، وما أدري لمَ بنى كلامَه على هذا! فالظاهرُ مِن كلام الجماهير من العِترة أنه مقبولٌ، وهو الذي نصَّ عليه المنصورُ بالله في " الصَّفوة " والسَّيِّد أبو طالب في " المجزي " والإمام يحيى في " المعيار " وجميع المصنفين من شِيعهم، وهو قولُ المالكية، وروى أبو عمر بنُ عبد البرِّ في كتاب " التمهيد " (١) عن ابن جرير الطبري العلاَّمة أنه إجماع التابعين، وهو المختارُ على تفصيل فيه، وهو قبولُ مراسيلِ الصحابة وبعضِ التابعين والأئمةِ المعروفين بالتحرِّي في الرواية، والعلة معرفة شرط المرسل في التصحيح، أو ظهور شرطه بالنص كأئمة الحديث، وهو قوي، أو بالقرائن كمراسيل الصحابة -رضي الله عنهم- (٢).


(١) في ١/ ٤ طبع المغرب ولفظه: إن التابعين أجمعوا بأسرهم على قبول المراسيل ولم يأت عنهم إنكاره، ولا عن أحد من الأئمة بعدهم إلى رأس المئتين وقال ابن عبد البر: كان ابن جرير يعني أنَّ الشافعي أول من أبى قبول المراسيل. وفيه أنه قد نقل عدم الاحتجاج عن سعيد ابن المسيب وابن سيرين، فأين الإجماع؟ فلو قيل: باتفاق جمهور التابعين، لكان صحيحاً، وقال أبو داود في رسالته إلى أهل مكة: وأما المراسيل، فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى مثل سفيان الثوري ومالك والأوزاعي حتى جاء الشافعي، فتكلم فيه، وتابعه على ذلك أحمد ابن حنبل.
(٢) انظر تفصيل المسألة في " توضيح الأفكار" ١/ ٢٨٧ - ٣١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>