للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتكلمين، ثم عن شيخ الاعتزال أبي القاسم الكعبي (١)، ثم عن أذكى الخائضين في هذا العلم باتفاق العارفين، فما سبب تخصيص المعترض (٢) للمحدثين إلاَّ شدة جهله، وقلَّة تمييزه (٣).

الوجه الرابع: من الجواب وهو التحقيق، وقد مرَّ في الوجه الأول طرفٌ منه، وهو أن نقول: قد أكمل الله الحجة على المكلفين بخلق العقول، وبعث (٤) الرُّسل مبشرين ومنذرين، فتمَّت حُجَّته سبحانه عقلاً وسمعاً، قال الله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُل} [النساء: ١٦٥].

وقال: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظ} [الأنعام: ١٠٤].

وقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا} [محمد: ٣٢]. فأخبر عن الكافرين بأنه قد تبين لهم الهدى، وما كفرُوا إلاَّ بعد ذلك.


(١) هو شيخ المعتزلة الأستاذ أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخي الكعبي الخراساني صاحب التصانيف الكثيرة في الكلام، المتوفى سنة ٣١٩ هـ. وله تصنيف في الطعن على المحدثين يدل على كثرة اطلاعه وتعصبه، اشتمل على الغضِّ من أكابرهم، وتتبع مثالبهم، سواء كان ذلك عن صحة أم لا، وسواء كان ذلك قادحاً أم غير قادح حتى إنه سرد كتاب الكرابيسي في المدلسين، فأفاد أنَّ التدليس بأنواعه عيب عظيم، وحسبك ممن يذكر شعبة فيمن يُعدُّ كثير الخطأ، وعقد باباً أورد فيه ما يرويه مما ليس له معنى بزعمه، وباباً فيما يرويه متناً متناقضاً لسوء فهمه. " لسان الميزان " ٣/ ٢٥٥ - ٢٥٦.
(٢) في (ش): تخصيصك أيها المعترض.
(٣) في (ش): شدة جهلك وقلة تمييزك.
(٤) في (ش): وبعثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>