للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصلحة، فأجاز العبث واللَّعِب، ومَنَعَ الراجح الواجب، وقد قال الله تعالى: {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [التوبة: ٦٦].

ففي هذه الآية إشارةٌ إلى أنه لا يجوزُ العفوُ عن جميعهم مع جواز العفو عن بعضهم مع أن ذنبَهُم واحدٌ، وذلك مشعِرٌ بأنه سبحانه علم أن [في] تعذيب بعضهم بذنبه صلاحاً، وفي العفو عن جميعهم فساداً، وهو العليمُ الحكيمُ سبحانه وتعالى.

ومع معرفة السر في عذاب الكافرين يعُظُم الرجاء للمسلمين حيث لم يكن في عذابهم نصرٌ للأنبياء والمرسلين والصالحين، بل هم شفعاؤهم وأحبَّاؤهم، ولذلك يقول الله تعالى: " شَفَعَتِ الملائكةُ، وشفع النبيُّون، وشفع المؤمنون ولم يبق إلاَّ أرحم الراحمين، فيخرجُ من النار مَنْ ليس في قلبه خيرٌ قَطٌّ ممن قال: لا إله إلاَّ الله " (١) كما ثبت في " الصحيح ".

وكذلك ورد في "صحيح مسلم" " أن الله يُعطي كُلَّ مسلمٍ يهودياً أو نصرانياً، فيقول هذا فداؤُك من النار " (٢)، وهو ينظر إلى قوله تعالى: {وَفَدَيْناهُ


(١) تقدم تخريجه بطوله من حديث أبي سعيد الخدري. وانظره في " صحيح ابن حبان " (٧٣٧٧).
(٢) أخرجه مسلم (٢٧٦٧)، وأحمد ٤/ ٣٩٨ و٤٠٢ و٤٠٧ و٤٠٨ و٤٠٩ - ٤١٠ من حديث أبي موسى الأشعري.
ولفظ مسلم: " إذا كان يوم القيامة، دفع الله عزَّ وجلَّ إلى كل مسلم يهودياً أو نصرانياً، فيقول: هذا فِكاكُكَ من النار ".
وفي رواية: " لا يموتُ رجل مسلم إلاَّ أدخل الله مكانه النارَ يهودياً أو نصرانياً ".
وفي رواية: " يجيء يوم القيامة ناسٌ من المسلمين بذنوبٍ أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى ".

<<  <  ج: ص:  >  >>