للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الأمان فلا سبيل إليه، بل الخوفُ واجب، وهو شعار الصالحين، وقد كان ابن مسعود يقول: وَدِدْتُ أن الله غَفَرَ لي ذنباً من ذنوبي، ودُعيتُ عبد الله بن روثة، بل في البخاري (١) أن عثمان بن مظعون لما تُوفي قالت زوجته: هنيئاً لك الجنة، فقال رسول الله: " وما يدريك، والله إني رسول الله وما أدري ما يُفْعَلُ بي " فقالت: لا أُزَكِّي بعده أحداً أبداً. وإنما المراد: الذبُّ عن السنن الصحيحة، وعن رواتها الثقات، وتلقي ما رُوِيَ بالإيمان مع الرجاء والخوف، وما زالَ المسلمون يروون المُكَفِّرات ويستبشرون بها، سواءٌ كانت من الأعمال أو من المصائب، ولا مانع أن تكون الفرائض والنوافل أو بعضُها مع أجر الآلام والمصائب والإيمان بالله ورسله، ومقابلة المصائب بالحمد والشكر مُكَفِّرَةً لذنوب بعض أهل الجنة، كما أن اجتناب الكبائر مكفِّرٌ لذنوب بعضهم، ورافعٌ لدرجتهم.

وفي " شرح مسلم " (٢) للنووي في فضل الوضوء قوله: " ما لم يُؤتِ كبيرةً " (٣):

قال القاضي عياض: هذا مذهب أهل السنة، أن الكبائر (٤) إنما تكفِّرها التوبة أو رحمة الله وفضلُه.

قال النووي: وقد يُقالُ: إذا كفر الوضوء الصغائر، فماذا تكفِّرُ الصلوات، والجمعات، ورمضان، ويومُ عرفة، ويوم عاشوراء؟!

والجواب: ما أجاب به العلماءُ أن كل واحدٍ من هذه صالحٌ للتكفير ... ... إلى قوله: فإن صادف كبيرةً أو كبائر ولم يُصادف صغيرة، رجونا أن يخفف من الكبائر. انتهى.


= الله بن مسعود، وابن عباس.
(١) رقم (١٢٤٣) و (٢٦٨٧) و (٣٩٢٩) و (٧٠٠٣) و (٧٠٠٤) و (٧٠١٨) بغير هذا اللفظ.
(٢) ٣/ ١١٢.
(٣) تقدم تخريجه من حديث عثمان ص ١١٩.
(٤) في (ش): " الكبيرة ".

<<  <  ج: ص:  >  >>