للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنُقَدِّمْ قبلَ ذلك مقدِّمةً: وهي أنَّ الصحبة تُطْلَقُ كثيراً في الشيئين إذا كان بينَهُما ملابسة، سواءً كانت كثيرةً أو قليلة، حقيقيةً أو مجازيةً، وهذه المقدمة تُبَيِّن بما (١) ترى من ذلك في كلامِ الله ورسوله، وما أجمع العلماءُ عليه من العبارات في هذا المعنى.

أمَّا القرآن، فقال (٢) الله تعالى: {فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} [الكهف: ٣٤] فقضى بالصحبة مع الاختلاف في الإسلام الموجب للعداوة لما جرى بينهما من ملابسة الخطاب للتقدم (٣)، وقد أجمعت الأمَّة على اعتبار الإسلام في اسم الصحابي، فلا يُسمَّى من لم يُسلم صحابيَّاً إجماعاً، وقد ثبت بالقرآن أنَّ الله سمَّى الكافر صاحباً للمسلم، فيجب أن يكون اسمُ الصحابيِّ عُرفيَّاً، وإذا كان عُرْفياً اصطلاحيّاً كان لكل طائفة إن تصطلح على اسمٍ -كما سيأتي تحقيقُه- قال تعالى: {وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} [النساء: ٣٦] وهو المرافق في السَّفَرِ، ولا شك أنَّه يدخل في هذه الآية الملازم وغيره، ولو صَحِبَ الإنسان رجلاً ساعة من نهار وسايره في بعض الأسفارِ، لدخل في ذلك، لأنَّه يَصْدُق أن يقول: صحبتُ فلاناً في سفري ساعة من النَّهار، ولأن من قال ذلك لم يرد عليه أهل اللغة، ويستهجنوا كلامه.

وأمَّا السنَّة، فكثير غيرُ قليل، وَمِنْ أوضحها ما ورد في الحديثِ الصحيحِ مِن قوله -عليه السلام- لِعائشة رضي الله عنها: "إنَّكُنَّ


(١) في (ج): ما.
(٢) في (ب): فقد قال.
(٣) في (ب): للمتقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>