للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب المحاربين ذكر التوبة، فما مثله بمؤتمن على التَّفرُّد، ومخالفة غيره في هذا.

وهذا على أن الحديث -على تسليم صحته- مخالفٌ لمذهب الخصوم حيث قَيَّدَ نفيَ الإيمان بحال مُباشَرَةِ العصيان، وصرح الحاكم والترمذي وأبو داود برفع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. ورواه الترمذي عن محمد بن علي الباقر، وأكثر سادات العترة عليهم السلام كما مضى بيانه، ولو أراد نفي الإيمان مُطلقاً، ولم يقيِّدْهُ، ولا أطلقه كما أطلق الله لعنَهُ على اليهود حيث قال: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} [المائدة: ٤٣].

فصل

في الفرق بين الإيمان والإسلام والإحسان وبيان أن الإيمانَ سريرةٌ، والإسلام علانيةً، كما رواه أحمد في " مسنده " (١) من حديث أنس مرفوعاً، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن المكلفين كافرٌ ومؤمنٌ، كما قال الله تعالى: {هو الذي خلقكم فمنكم كافرٌ ومنكم مؤمنٌ} [التغابن: ٢]، وبيان ما عضد ما قدمنا من القرآن الكريم، وفسَّره وبيَّنه من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما بيَّن الصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر شرائع الإسلام، فلم تزل السنن النبوية تأتي بزيادة البيان وتخصيص العموم، وتفسير المُجْمَل، وعلى ذلك علماء الإسلام الصحابة، والتابعون، ثم سائر القرون، حتى انبعثت (٢) فرقةٌ من فِرَقِ المعتزلة، فمنعت السنن الواردة في هذه المسألة بخصُوصها، وادعت أنها قطعيةٌ لا تقبل فيها الآحادُ، وبلغت الأخبار في مخالفتهم مبلغ التواتر المجمع عليه، وزادت (٣)


(١) ٣/ ١٣٥، وأخرجه أيضاً أبو عبيد في " الإيمان " ص ٥، والبزار (٢٠)، وابن عدي في " الكامل " ٥/ (١٨٥٠)، وفي سنده علي بن مسعدة، وهو سيىء الحفظ، وضعفه البخاري، والنسائي، وأبو داود، وقال ابن عدي: أحاديثُه غير محفوظة.
(٢) في (د) و (ف): " نبغت "
(٣) في (ف): " وزاد ".

<<  <  ج: ص:  >  >>