للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ذلك، وهم مصرُّون لجهلهم بالأخبار على تسميتها (١) آحاداً.

وهم صادقون من وجهٍ دون وجهٍ، وذلك أنها آحادٌ بالنظر إليهم وإلى أمثالهم من العامة، فإن العالم المبرِّزَ في الكلام جاهلٌ في غير فنِّه، مثلما أن الإمام المحدث الحافظ جاهلٌ بعلم الكلام.

ثم إن هذه الطائفة من المعتزلة مع منعهم من الاحتجاج في هذه المسألة بالآحاد، احتجُّوا بها، وناقضوا، وتارة منعوا من ذلك بغير حجةٍ صحيحةٍ من عقلٍ ولا سمعٍ ولا لُغةٍ ولا أثارةٍ من علمٍ يدل على ما ادَّعُوهُ من كون العموم يفيد القطع فيما طريقه الخبر، ويفيد الظن فيما طريقه الإنشاء، وهو الأمر والنهي، بل العموم ظنيٌّ في الموضعين كما قدمنا الأدلة عليه، وأنه قابلٌ للتخصيص، كما يوافقون على ذلك حيث تكون الحجة لهم كما تقدم.

فانظر الآن بإنصافٍ إلى بيان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن يُسمَّى (٢) مؤمناً ومن يسمى مسلماً، حتى تعلم أنه قد تناولهم جميع ما وعد الله المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات من الرحمة والمغفرة، وتكفير السيئات بالحسنات، والخلود بفضله في الجنات، بعد أن ينتصف لبعضهم من بعض في المظالمات، ويعذِّبَ من يشاء منهم على ارتكاب المُوبقات، حتى يشفع لهم نبيُّهم صاحب المقام المحمود عليه أفضل الصَّلوات.

فمن ذلك إجماع الأمة المعلوم المقطوع به على أن الإسلام الذي يَجُبُّ ما قبله، ويُوجِبُ الموارثة، ويُحِلُّ المناكحة، ونحو ذلك من الأحكام هو (٣) ما ذهب (٤) إليه (٥) أهلُ السنة.


(١) في (ش): " لتسميتها ".
(٢) في (ش): " سمي ".
(٣) في (ف): "وهو".
(٤) كتب فوقها في (ف): " مذهب ".
(٥) " إليه " ساقطة من (ف).

<<  <  ج: ص:  >  >>